الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
(قوله ثلث به) أي جعله ثالثا للوضوء والغسل: أي ذكره بعدهما اقتداء بالكتاب العزيز أعني قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} الآية فإنه ثلث به فيها، وأيضا فهو خلف عنهما، والخلف يتبع الأصل (قوله وهو إلخ) دليله قوله صلى الله عليه وسلم: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر. وجعلت لي الأرض - وفي رواية - ولأمتي مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة» رواه الشيخان وغيرهما، بل قال السيوطي إنه متواتر، فلذا قال الشارح بلا ارتياب، وفيه رمز إلى ما في اختصاص هذه الأمة بالوضوء كما قدمنا في محله (قوله هو لغة القصد) أي مطلق القصد، ومنه قوله تعالى: {ولا تيمموا الخبيث} بخلاف الحج فإنه القصد إلى معظم كما في البحر (قوله وشرعا إلخ) قال في البحر: واصطلاحا على ما في شروح الهداية القصد إلى الصعيد الطاهر للتطهير، وعلى ما في البدائع وغيره استعمال الصعيد في عضوين مخصوصين على قصد التطهير بشرائط مخصوصة. وزيف الأول بأن القصد شرط لا ركن. والثاني بأنه لا يشترط استعمال جزء من الأرض حتى يجوز بالحجر الأملس، فالحق أنه اسم لمسح الوجه واليدين عن الصعيد الطاهر، والقصد شرط؛ لأنه النية. ا هـ. وهذا ما حققه في الفتح (قوله شرط القصد إلخ) بالبناء للمجهول، وفيه تورك على المصنف؛ لأن تركيبه يقتضي أن حقيقته القصد فنبه على أنه شرط، وكذا الصعيد، وكونه مطهرا كما أفاده ح فافهم. (قوله خرج إلخ) ولذا لم يقل طاهر كما مر عن شروح الهداية؛ لأن هذه الأرض طاهرة غير مطهرة (قوله واستعماله إلخ) هذا هو التعريف الثاني الذي قدمناه عن البدائع؛ وأراد بالصفة المخصوصة ما سيأتي، أو ما مر من كونه في عضوين مخصوصين بشرائط مخصوصة، وقوله لأجل إقامة القربة هو معنى ما مر عن البدائع من قوله على قصد التطهير، وقول الشارح حقيقة أو حكما إلخ جواب عن الإيراد المار على هذا التعريف، إذ لا يخفى أن الحجر الأملس جزء من الأرض استعمل في العضوين للتطهير، إذ ليس المراد بالاستعمال أخذ جزء منها بل جعله آلة للتطهير. وعليه فهو استعمال حقيقة وهو ظاهر كلام النهر، فلا حاجة إلى قوله أو حكما كما أفاده ط، وبما قررنا ظهر لك أن المصنف ذكر التعريفين المنقولين عن المشايخ. والظاهر أنه قصد جعلهما تعريفا واحدا إذ لا بد في الألفاظ الاصطلاحية المنقولة عن اللغوية أن يوجد فيها المعنى اللغوي غالبا، ويكون المعنى الاصطلاحي أخص من اللغوي، ولذا عرف المشايخ الحج بأنه قصد خاص بزيادة أوصاف مخصوصة، وما مر من الإيراد على ذلك بأن القصد شرط يظهر لي أنه غير وارد؛ لأن الشرط هو قصد عبادة مقصودة إلى آخر ما يأتي لا قصد نفس الصعيد، على أن المعاني الشرعية لا توجد بدون شروطها؛ فمن صلى بلا طهارة مثلا لم توجد منه صلاة شرعا فلا بد من ذكر الشروط حتى يتحقق المعنى الشرعي فلذا قالوا بشرائط مخصوصة كما مر. ولما كان الاستعمال وهو المسح المخصوص للوجه واليدين من تمام الحقيقة الشرعية ذكره مع القصد تتميما للتعريف فاغتنم هذا التحرير المنيف (قوله بصفة مخصوصة) وهي ما في البدائع عن أبي يوسف قال: سألت أبا حنيفة عن التيمم، فقال: التيمم ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، فقلت: كيف هو؟ فضرب بيديه على الصعيد فأقبل بهما وأدبر ثم نفضهما ثم مسح بهما وجهه ثم أعاد كفيه على الصعيد ثانيا فأقبل بهما وأدبر ثم نفضهما ثم مسح بذلك ظاهر الذراعين وباطنهما إلى المرفقين، ثم قال في البدائع: وقال بعض مشايخنا: ينبغي أن يمسح بباطن أربع أصابع يده اليسرى ظاهر يده اليمنى من رءوس الأصابع إلى المرفق، ثم يمسح بكفه اليسرى دون الأصابع باطن يده اليمنى من المرفق إلى الرسغ، ثم يمر بباطن إبهامه اليسرى على ظاهر إبهامه اليمنى، ثم يفعل باليد اليسرى كذلك، وهذا الأقرب إلى الاحتياط لما فيه من الاحتراز عن استعمال التراب المستعمل بالقدر الممكن. ا هـ. ملخصا، ومثله في الحلية عن التحفة والمحيط وزاد الفقهاء (قوله وهو الأصح الأحوط) هذا ما ذهب إليه السيد أبو شجاع وصححه الحلواني، وفي النصاب: وهذا استحسان وبه نأخذ، وهو الأحوط. وقيل ليسا بركن، وإليه ذهب الإسبيجابي وقاضي خان، وإليه مال في البحر والبزازية والإمداد. وقال في الفتح إنه الذي يقتضيه النظر ولأن المأمور به في الآية المسح ليس غير، ويحمل قوله صلى الله عليه وسلم: «التيمم ضربتان} إما على إرادة الضربة أعم من كونها على الأرض أو على العضو مسحا أو أنه خرج مخرج الغالب. ا هـ. وأقره في الحلية ورجحه في شرح الوهبانية. وقال العلامة ابن الكمال: والمراد بيان كفاية الضربتين لا أنه لا بد منهما، كيف وقد ذكر في كتاب الصلاة: لو كنس دارا أو هدم حائطا أو كال حنطة فأصاب وجهه وذراعيه غبار لم يجزه ذلك عن التيمم حتى يمر يده عليه ا هـ. أي أو يحرك وجهه ويديه بنيته كما سيأتي عن الخلاصة. وقال في النهر: المراد الضرب أو ما يقوم مقامه، وعليه مشى الشارح فيما سيأتي، وتظهر ثمرة الخلاف كما في البحر فيما لو ضرب يديه فقبل أن يمسح أحدث، وفيما إذا نوى بعد الضرب، وفيما إذا ألقت الريح الغبار على وجهه ويديه فمسح بنية التيمم أجزأه على الثاني دون الأول. (قوله لأجل إقامة القربة) أي لأجل عبادة مقصودة لا تصح بدون الطهارة كما سيأتي بيانه (قوله فإنه لا يصلي به)؛ لأن التعليم يحصل بالقول فلا يتوقف على الطهارة (قوله والاستيعاب) الذي يظهر لي أن الركن هو المسح؛ لأنه حقيقة التيمم كما مر، والاستيعاب شرط؛ لأنه مكمل له والشارح عكس ذلك، ثم رأيت التصريح في كلامهم بما ذكرته (قوله وشرطه ستة) بل تسعة كما سيأتي. (قوله بثلاث أصابع فأكثر) هو معنى قوله في البحر باليد أو بأكثرها، فلو مسح بأصبعين لا يجوز ولو كرر حتى استوعب، بخلاف مسح الرأس فإنه إذا مسحها مرارا بأصبع أو أصبعين بماء جديد لكل حتى صار قدر ربع الرأس صح. ا هـ. إمداد وبحر قلت: لكن في التتارخانية: ولو تمعك بالتراب بنية التيمم فأصاب التراب وجهه ويديه أجزأه؛ لأن المقصود قد حصل. ا هـ. فعلم أن اشتراط أكثر الأصابع محله حيث مسح بيده تأمل (قوله والصعيد) كونه شرطا لا ينافي عدم تحقق الحقيقة الشرعية بدونه كما علم مما قررناه سابقا فافهم (قوله وفقد الماء) أي ولو حكما ليشمل نحو المرض فافهم. (قوله وسننه ثمانية) بل ثلاثة عشر كما سنذكره (قوله الضرب بباطن كفيه) أقول: ذكر في الذخيرة أنه أشار محمد إلى ذلك ولم يصرح به ثم قال في الذخيرة بعد أسطر: والأصح أنه يضرب بباطنهما وظاهرهما على الأرض، وهذا يصير رواية أخرى غير ما أشار إليه محمد. ا هـ. وقد اقتصر في الحلية على نقل عبارة الذخيرة الأولى واقتصر الشمني على نقل الثانية فظن في البحر المخالفة في النقل عن الذخيرة وكأنه لم يراجع الذخيرة. وبه يعلم أن الواو في قوله وظاهرهما على حقيقتها لا بمعنى أو خلافا لما فهمه في البحر، ولقوله في النهر إن الجواز حاصل بأيهما كان، نعم الضرب بالباطن سنة. ا هـ. فإن صريح الذخيرة كون الضرب بكل من الظاهر والباطن هو السنة في الأصح، وقد ظهر أن ما ذكره الشارح تبعا للنهر خلاف الأصح فتدبر. (قوله وإقبالهما وإدبارهما) أي بعد وضعهما على التراب نهر، وكذا يقال في التفريج ط (قوله ونفضهما) أي مرة، وروي مرتين، وليس باختلاف في المعنى؛ لأن المقصود تناثر التراب إن حصل بمرة فيها وإلا فبمرتين بدائع. ولذا قال في الهداية: وينفضهما بقدر ما يتناثر التراب كي لا يصير مثلة. ا هـ. بحر: قال الرملي: فعلى هذا إذا لم يحصل بمرتين ينفض ثلاثا وهكذا. ا هـ. ويظهر من هذا أنه حيث لا تراب أصلا لا يسن النفض تأمل (قوله وتفريج أصابعه) تعليلهم سنية التفريج بدخول الغبار أثناء أصابعه يفيد أنه لو ضرب على حجر أملس لا يفرج إلا أن يقال: العلة تراعى في الجنس. ا هـ. ح (قوله وتسمية) الظاهر أنها على صيغة ما ذكر في الوضوء والعطف بالواو لا يفيد ترتيبا فلا يرد أن التسمية تكون عند الضرب ط. (قوله وترتيب) أي كما ذكر في القرآن ط (قوله وولاء) بكسر الواو: أي مسح المتأخر عقب المتقدم بحيث لو كان الاستعمال بالماء لا يجف المتقدم ط (قوله وزاد ابن وهبان إلخ) فيه أن اشتراط النية يغني عنه؛ لأنها لا تصح من كافر، إلا أن يقال صرح به وإن استلزمته النية للتوضيح. ا هـ. ح. وقد أسقط ابن وهبان كون المسح بثلاثة أصابع وعدها ستة أيضا حيث قال: وعذرك شرط ضربتان ونية والإسلام والمسح الصعيد المطهر وكأنه أراد بالشرط ما لا بد منه حتى سمى الضربتين شرطا وإلا فهما ركن. (قوله فزدته) هذا يقتضي أنه زاد على الستة المتقدمة الإسلام، فصار المجموع سبعة مع أنه ترك في البيت من الستة كونه بثلاثة أصابع فأكثر، وزاد الضرب والتعميم: أي الاستيعاب فصارت ثمانية، وأطلق الشرط على الأخيرين بناء على ما قلنا آنفا فافهم (قوله وغيرت شطر بيته الأول) بيته هو ما قدمناه، ولا يخفى أن التغير وقع في الشطرين (قوله والإسلام) بنقل حركة الهمزة إلى اللام للوزن (قوله عذر) بإسقاط التنوين للضرورة (قوله سمى) بإشباع حركة الميم (قوله وبطن) أي اضرب بباطن الكفين على الأرض، وقد علمت ما هو الأصح. [تتمة]
زاد في نور الإيضاح في الشروط شرطين آخرين: الأول انقطاع ما ينافيه من حيض أو نفاس أو حدث: والثاني زوال ما يمنع المسح على البشرة كشمع وشحم، لكن يغني عن الثاني الاستيعاب كما لا يخفى. وزاد في المنية طلب الماء إذا غلب على ظنه أن هناك ماء وسيذكره المصنف بقوله ويطلبه غلوة إن ظن قربه. وزاد سيدي عبد الغني في السنن ثلاثة: الأولى - التيامن كما في جامع الفتاوى والمجتبى. الثانية - خصوص الضرب على الصعيد لموافقته للحديث. قال في الخانية: ذكر في الأصل أنه يضع يديه على الصعيد، وفي بعض الروايات يضرب يديه على الصعيد، وهذا أولى ليدخل التراب في أثناء الأصابع. ا هـ. الثالثة - أن يكون المسح بالكيفية المخصوصة التي قدمناها عن البدائع. وفي الفيض: ويخلل لحيته وأصابعه، ويحرك الخاتم والقرط كالوضوء والغسل. ا هـ. قلت: لكن في الخانية أن تخليل الأصابع لا بد منه ليتم الاستيعاب. وقال في البحر: وكذا نزع الخاتم أو تحريكه. ا هـ. فبقي تخليل اللحية من السنن، فصار المزيد أربعة؛ ويزاد خامسة، وهي كون الضرب بظاهر الكفين أيضا كما علمت تصحيحه، ولم أر من ذكر السواك في السنن مع أنهم ذكروه في الوضوء والغسل، فينبغي ذكره تأمل. فالحاصل أن ركن التيمم شيئان: الضرب أو ما يقوم مقامه، ومسح العضوين. وشرطه تسعة: وهي الستة التي في بيت الشارح، وكون المسح بأكثر اليد، وزوال ما ينافيه، وطلب الماء لو ظن قربه. وسننه ثلاثة عشر: الثمانية التي نظمها، والخمسة التي ذكرناها آنفا، وقد نظمت جميع ذلك فقلت: ومسح وضرب ركنه العذر شرطه وقصد وإسلام صعيد مطهر وتطلاب ماء ظن تعميم مسحه بأكثر كف فقدها الحيض يذكر وسن خصوص الضرب نفض تيامن وكيفية المسح التي فيه تؤثر وسم ورتب وال بطن وظهرن وخلل وفرج فيه أقبل وتدبر. (قوله من عجز) العجز على نوعين: عجز من حيث الصورة والمعنى، وعجز من حيث المعنى فقط، فأشار إلى الأول بقوله لبعده، وإلى الثاني بقوله أو لمرض، أفاده في البحر. وفيه عن المحيط المسافر يطأ جاريته وإن علم أنه لا يجد الماء؛ لأن التراب شرع طهورا حال عدم الماء؛ ولا تكره الجنابة حال وجوده فكذا حالة عدمه. ا هـ. (قوله مبتدأ) المبتدأ لفظ من فقط، لكن لما كان الصلة والموصول كالشيء الواحد تسمح في إطلاق المبتدإ عليهما ط (قوله المطلق) قيد به؛ لأن غيره كالعدم (قوله الكافي لطهارته) أي من الخبث والحدث الأصغر أو الأكبر، فلو وجد ماء يكفي لإزالة الحدث أو غسل النجاسة المانعة غسلها وتيمم عند عامة العلماء، وإن عكس وصلى في النجس أجزأه وأساء خانية، ولو تيمم أولا ثم غسلها يعيد التيمم؛ لأنه تيمم وهو قادر على الوضوء محيط، ونظر فيه في البحر بما سنذكره مع جوابه. وفي القهستاني: إذا كان للجنب ماء يكفي لبعض أعضائه أو للوضوء تيمم ولم يجب عليه صرفه إليه، إلا إذا تيمم للجنابة ثم أحدث فإنه يجب عليه الوضوء لأنه قدر على ماء كاف، ولا يجب لأنه بالتيمم خرج عن الجنابة إلى أن يجد ماء كافيا للغسل، كذا في شرح الطحاوي وغيره. ا هـ. (قوله لصلاة) متعلق بقوله لطهارته أو باستعمال، واحترز بها عن النوم ورد السلام ونحوه مما يأتي فإنه لا يشترط له العجز (قوله تفوت إلى خلف) كالصلوات الخمس فإن خلفها قضاؤها، وكالجمعة فإن خلفها الظهر، واحترز به عما لا يفوت إلى خلف كصلاة الجنازة والعيد والكسوف والسنن والرواتب فلا يشترط لها العجز كما سيأتي (قوله لبعده) الضمير يرجع إلى من ط، وقيد بالعبد لأنه عند عدمه لا يتيمم وإن خاف خروج الوقت في صلاة لها خلف خلافا لزفر، وسيذكر الشارح أن الأحوط أن يتيمم ويصلي ثم يعيد. ويتفرع على هذا الاختلاف ما لو ازدحم جمع على بئر لا يمكن الاستقاء منها إلا بالمناوبة أو كانوا عراة ليس معهم إلا ثوب يتناوبونه وعلم أن النوبة لا تصل إليه إلا بعد الوقت فإنه لا يتيمم ولا يصلي عاريا بل يصبر عندنا، وكذا لو اجتمعوا في مكان ضيق ليس فيه إلا موضع يسع أن يصلي قائما فقط يصبر ويصلي قائما بعد الوقت كعاجز عن القيام والوضوء في الوقت ويغلب على ظنه القدرة بعده، وكذا من معه ثوب نجس وماء يلزمه غسل الثوب وإن خرج الوقت بحر ملخصا عن التوشيح (قوله ولو مقيما) لأن الشرط هو العدم فأينما تحقق جاز التيمم، نص عليه في الأسرار بحر (قوله ميلا) هو المختار في المقدار هداية، وهو أقرب الأقوال بدائع. والمعتبر غلبة الظن في تقديره إمداد وغيره. والميل في كلام العرب منتهى مد البصر: وقيل للأعلام المبنية في طريق مكة أميال لأنها بنيت كذلك كما في الصحاح والمغرب، والمراد هنا ثلث الفرسخ. والفرسخ ربع البريد. (قوله أربعة آلاف ذراع) كذا في الزيلعي والنهر والجوهرة. وقال في الحلية إنه المشهور كما نقله غير واحد منهم السروجي في غايته. ا هـ. وفي شرح العيني ومسكين والبحر عن الينابيع أنه أربعة آلاف خطوة. قال الرملي: والأول هو المعول عليه، وما في الشرنبلالية من التوفيق بينهما بأن يراد بالذراع ما فيه أصبع قائمة عند كل قبضة فيبلغ ذراعا ونصفا بذراع العامة. ا هـ. فيه نظر لضبطهم الذراع بما ذكره الشارح (قوله وهو) أي الذراع بعدد حروف لا إله إلا الله المرسومة (قوله ظهر لبطن) أي يلصق ظهر كل شعيرة لبطن الأخرى. وفي بعض النسخ ظهرا بالنصب على الحال موافقا لما في كثير من الكتب: أي ملصقا (قوله يشتد) أي يزيد في ذاته، وقوله أو يمتد: أي يطول زمنه، وكذا لو كان صحيحا خاف حدوث مرض كما في القهستاني، وهو معلوم من قول المصنف أو برد (قوله بغلبة ظن) أي عن أمارة أو تجربة شرح المنية (قوله أو قول حاذق مسلم) أي إخبار طبيب حاذق مسلم غير ظاهر الفسق، وقيل عدالته شرط شرح المنية (قولة ولو بتحرك) متعلق بيشتد. ا هـ. ح ولا مانع من تعلقه بيمتد أيضا لأن التحرك يكون سببا في الامتداد أيضا ط. وفي البحر: ولا فرق عندنا بين أن يشتد بالتحرك كالمبطون أو بالاستعمال كالجدري (قوله أو لم يجد) أي أو كان لا يخاف الاشتداد ولا الامتداد، لكنه لا يقدر بنفسه ولم يجد من يوضئه (قوله كما في البحر) حاصل ما فيه أنه إن وجد خادما: أي من تلزمه طاعته كعبده وولده وأجيره لا يتيمم اتفاقا، وإن وجد غيره ممن لو استعان به أعانه ولو زوجته فظاهر المذهب أنه لا يتيمم أيضا بلا خلاف. وقيل على قول الإمام يتيمم، وعلى قولهما لا كالخلاف في مريض لا يقدر على الاستقبال أو التحول من الفراش النجس ووجد من يوجهه أو يحوله لأن عنده لا يعتبر المكلف قادرا بقدرة الغير. والفرق على ظاهر المذهب أن المريض يخاف عليه زيادة الوجع في قيامه وتحوله لا في الوضوء. ا هـ. أقول: حاصل الفرق أن زيادة المرض حاصلة بالأول لا بالثاني لأن فرض المسألة أنه لا يخاف الاشتداد ولا الامتداد، فلم يكن عاجزا حقيقة فيلزمه الاستعانة على وضوئه، ولا يجوز له التيمم بخلاف الأول؛ لأنه عاجز حقيقة فلا تلزمه الاستعانة، وفيه نظر فإنه في الثاني وإن لم يخف الزيادة لكنه لا يقدر بنفسه فهو عاجز حقيقة أيضا، وليس المبيح للتيمم هو خصوص زيادة المرض تأمل وفي البحر: وظاهر ما في التجنيس أنه لو له مال يستأجر به أجيرا لا يتيمم قل الأجر أو كثر. وفي المبتغى خلافه والظاهر عدم الجواز لو قليلا. ا هـ. والمراد بالقليل أجرة المثل كما بحثه في النهر والحلية وبه جزم الشارح (قوله وفيه) أي البحر حيث قال: لما كان على السيد تعاهد العبد في مرضه كان على عبده أن يتعاهده في مرضه، والزوجة لما لم يكن عليه أن يعاهدها في مرضها فيما يتعلق بالصلاة لا يجب عليها ذلك إذا مرض، فلا يعد قادرا بفعلها. ا هـ. لكن قدمنا أن ظاهر المذهب أنه لا يجوز له التيمم إن كان لو استعان بالزوجة تعينه وإن لم يكن ذلك واجبا عليها (قوله توضيء) بالتاء الفوقية في أوله وفي آخره همزة قبلها ياء ممدودة مصدر وضأ بالتشديد مثل فرح تفريحا (قوله يجب) أي يجب عليه أن يوضئ مملوكه وكذا عكسه وهو ظاهر (قوله يهلك الجنب أو يمرضه) قيد بالجنب؛ لأن المحدث لا يجوز له التيمم للبرد في الصحيح خلافا لبعض المشايخ كما في الخانية والخلاصة وغيرهما. وفي المصفى أنه بالإجماع على الأصح، قال في الفتح وكأنه لعدم تحقيق ذلك في الوضوء عادة. ا هـ. واستشكله الرملي بما صححه في الفتح وغيره في مسألة المسح على الخف من أنه لو خاف سقوط رجله من البرد بعد مضي مدته يجوز له التيمم. قال: وليس هذا إلا تيمم المحدث لخوفه على عضوه، فيتجه ما في الأسرار من اختيار قول بعض المشايخ. أقول: المختار في مسألة الخف هو المسح لا التيمم كما سيأتي في محله - إن شاء الله تعالى - نعم مفاد التعليل بعدم تحقيق الضرر في الوضوء عادة أنه لو تحقق جاز فيه أيضا اتفاقا، ولذا مشى عليه في الإمداد؛ لأن الحرج مدفوع بالنص، هو ظاهر إطلاق المتون (قوله ولو في العصر) أي خلافا لهما (قوله ولا ما يدفئه) أي من ثوب يلبسه أو مكان يأويه. قال في البحر: فصار الأصل أنه متى قدر على الاغتسال بوجه من الوجوه لا يباح له التيمم إجماعا (قوله ما قيل إلخ) أي قال بعضهم: إن الخلاف مبني على أن أجر الحمام في زمان الإمام كان يؤخذ قبل الدخول أما في زمانهما فإنه يؤخذ بعده، فإذا عجز عن الأجرة دخل ثم يتعلل بالعسرة وبعد الإعطاء (قوله فمما لم يأذن به الشرع) فإن الحمامي لو علم لا يرضى بدخوله، ففيه تغرير وهو غير جائز. قال في البحر تبعا للحلية: ومن ادعى إباحته فضلا عن تعينه فعليه البيان (قوله نعم إلخ) عزاه في البحر إلى الحلية وأقره (قوله على نفسه) متعلق بخوف ط (قوله ولو من فاسق) بأن كان عند الماء وخافت المرأة منه على نفسها بحر، والأمرد في حكمها كما لا يخفى (قوله أو حبس غريم) بأن كان صاحب الدين عند الماء وخاف المديون المفلس من الحبس بحر، ومفهومه أنه لو لم يكن معسرا لا يجوز؛ لأنه ظالم بالمطل (قوله أو ماله) عطف على نفسه ح، ولم أر من قدر المال بمقدار، وسنذكر عن التتارخانية ما يفيد تقديره بدرهم كما يجوز له قطع الصلاة (قوله ولو أمانة) عد الأمانة ماله باعتبار وضع اليد عليها ط (قوله ثم إن نشأ الخوف إلخ) اعلم أن المانع من الوضوء إن كان من قبل العباد: كأسير منعه الكفار من الوضوء، ومحبوس في السجن، ومن قيل له إن توضأت قتلتك جاز له التيمم ويعيد الصلاة إذا زال المانع كذا في الدرر والوقاية: أي وأما إذا كان من قبل الله تعالى كالمرض فلا يعيد. ووقع في الخلاصة وغيرها: أسير منعه العدو من الوضوء والصلاة يتيمم ويصلي بالإيماء ثم يعيد، فقيد بالإيماء؛ لأنه منع من الصلاة أيضا: فلو منع من الوضوء فقط صلى بركوع وسجود كما هو ظاهر الدرر، أفاده نوح أفندي. ثم اعلم أنه اختلف في الخوف من العدو هل هو من الله تعالى فلا إعادة، أو من العبد فتجب؟ ذهب في المعراج إلى الأول، وفي النهاية إلى الثاني، ووفق في البحر بحمل الثاني على ما إذا حصل وعيد من العبد نشأ منه الخوف فكان من قبل العباد، وحمل الأول على ما إذا لم يحصل ذلك أصلا بل حصل خوف منه فكان من قبل الله تعالى لتجرده عن مباشرة السبب وإن كان الكل منه تعالى خلقا وإرادة. قال: ثم رأيت في الحلية صرح بما فهمته وأقره في النهر وغيره، وهذا ما أشار إليه الشارح رحمه الله، وقدم الشارح في الغسل أن المرأة بين رجال تتيمم، وقدمنا أن الرجل كذلك، وأن الظاهر أنه لا إعادة عليه ولا عليها؛ لأن المانع شرعي وهو كشف العورة عند من لا يحل له رؤيتها والمانع منه الحياء وخوف الله تعالى وهما من الله تعالى لا من قبل العباد. [فرع]
في البحر عن المبتغى بالغين المعجمة: أجير لا يجد الماء إلا في نصف ميل لا يعذر في التيمم، وإن لم يأذن له المستأجر تيمم وأعاد، ولو صلى صلاة أخرى وهو يذكر هذه تفسد (قوله أو عطش) معطوف على عدو: أي؛ لأنه مشغول بحاجته والمشغول بالحاجة كالمعدوم بحر (قوله ولو لكلبه) قيده في البحر والنهر بكلب الماشية والصيد، ومفاده أنه لو لم يكن كذلك لا يعطى هذا الحكم. والظاهر أن كلب الحراسة للمنزل مثلها ط (قوله أو رفيق القافلة) سواء كان رفيقه المخالط له أو آخر من أهل القافلة بحر، وعطش دابة رفيقه كعطش دابته نوح (قوله حالا أو مآلا) ظرف لعطش أو له ولرفيق على التنازع كما قال ح: أي الرفيق في الحال أو من سيحدث له. قال سيدي عبد الغني: فمن عنده ماء كثير في طريق الحاج أو غيره وفي الركب من يحتاج إليه من الفقراء يجوز له التيمم، بل ربما يقال إذا تحقق احتياجهم يجب بذله إليهم لإحياء مهجهم (قوله وكذا العجين) فلو احتاج إليه لاتخاذ المرقة لا يتيمم؛ لأن حاجة الطبخ دون حاجة العطش بحر (قوله أو إزالة نجس) أي أكثر من قدر الدرهم كما قدمناه. وفي الفيض: لو معه ما يغسل بعض النجاسة لا يلزمه. ا هـ. قلت: وينبغي تقييده بما إذا لم تبلغ أقل من قدر الدرهم، فإذا كان في طرفي ثوبه نجاسة وكان إذا غسل أحد الطرفين بقي ما في الطرف الآخر أقل من قدر الدرهم يلزمه فافهم (قوله كما سيجيء) أي في النواقض (قوله بعدم الإناء) متعلق بتعذر ط (قوله للمضطر أخذه) أي إذا امتنع صاحب الماء من دفعه وهو غير محتاج إليه للعطش وهناك مضطر إليه للعطش كان له أخذه منه قهرا وله أن يقاتله سراج. قلت: وينبغي تقييده بما إذا امتنع من دفعه مجانا أو بالثمن، وللمضطر ثمنه وسيأتي في فصل الشرب أن له أن يقاتله بالسلاح. قال الشارح هناك تبعا للمنح والزيلعي: هذا في غير المحرز بالأواني، وإلا قاتله بغير سلاح إذا كان فيه فضل عن حاجته لملكه له بالإحراز، فصار نظير الطعام. وقيل في البئر ونحوها الأولى أن يقاتله بغير سلاح؛ لأنه ارتكب معصية، فكان كالتعزير كما في الكافي. ا هـ. (قوله فإن قتل) بالبناء للمجهول (قوله فهدر) أي لا قصاص فيه ولا دية ولا كفارة سراج، وينبغي أن يضمن المضطر قيمة الماء شرنبلالية (قوله بقود) أي بقصاص إن كان القتل عمدا كأن قتله بمحدد (قوله أو دية) أي إن كان شبه عمد أو خطأ أو جرى مجرى الخطأ، والدية على العاقلة وعلى القاتل الكفارة أفاده في البحر ط قال في السراج: وإن كان صاحب الماء محتاجا إليه للعطش فهو أولى به من غيره، فإن احتاج إليه الأجنبي للوضوء لم يلزمه بذله، ولا يجوز للأجنبي أخذه منه قهرا (قوله طاهرة) أما النجسة فكالعدم (قوله ولو شاشا) أي ونحوه مما يمكن إدلاؤه واستخراج الماء به قليلا وعصره (قوله وإن نقص إلى قوله تيمم) نقله في التوشيح عن كتب الشافعية، ثم قال: وهذا كله موافق لقواعدنا، وأقره في البحر، وكذا أقره في النهر وغيره، وهو ظاهر، ولكن رأيت في التتارخانية ما يخالفه حيث قال: قال القاضي الإمام فخر الدين: إن نقصت قيمة المنديل قدر درهم تيمم وليس عليه أن يرسله، ولو أقل فلا؛ كما لو رأى المصلي من يسرق ماله، فإن كان قدر درهم يقطع الصلاة وإلا فلا كذا هنا. ا هـ. وأنت خبير بأن ما ذكره الشافعية أقرب إلى القواعد، أنه لو وجد الماء يباع يلزمه شراؤه بثمن المثل ولو كانت قيمته أكثر من درهم، ولكن الرجوع إلى المنقول في المذهب بعد الظفر به أولى، ولعل وجه الفرق أن الشراء وإن كثر ثمنه لا يسمى إتلافا؛ لأنه مبادلة بعوض، بخلاف إتلاف المنديل ونحوه بالإدلاء أو بالشق فإنه إتلاف بلا عوض وهو منهي شرعا. وإذا جاز قطع الصلاة بعد الشروع فيها لأجل درهم علم أن الدرهم قدر معتبر له خطر فلا يجوز إتلافه فيما له عنه مندوحة؛ لأنه عادم للماء شرعا فيتيمم. وإذا جاز له التيمم فيما إذا كان نقصان القيمة أكثر من قيمة الماء وجعل عادما للماء مراعاة لحقه يجعل عادما للماء هنا أيضا مراعاة لحقه وحق الشرع في الامتناع عن الإتلاف المنهي عنه، هذا ما ظهر لفهمي السقيم، والله العليم (قوله أو شقه) أي إذا كان لا يصل إلى الماء بدونه (قوله قدر قيمة الماء) أي وآلة الاستقاء كما ذكره في البحر في صورة الشق؛ والظاهر أن صورة الإدلاء كذلك تأمل (قوله بأجر) أي أجر المثل فيلزمه ولم يجز التيمم وإلا جاز بلا إعادة بحر عن التوشيح (قوله كلها) أي كل واحد منها (قوله حتى لو تيمم إلخ) أشار بالتفريع المذكور إلى أن كل عذر منها إنما يسمى عذرا مادام موجودا، فلو زال بطل حكمه وإن وجد بعده عذر آخر لما سيأتي أنه ينقضه زوال ما أباحه فافهم (قوله ثم مرض إلخ) صادق بثلاث صور: أن يكون وجد الماء قبل المرض أو بعده أو بقي عادما له، ولا شبهة أنه في الأولى يبطل التيمم، وأما الثالثة فالظاهر أنه لا يبطل لعدم زوال ما أباحه ولأن اختلاف السبب لا يظهر إلا إذا زال الأول. والظاهر أن المراد الثانية فقط، فإذا تيمم لفقد الماء ثم مرض ثم وجد الماء بعده لا يصلي بالتيمم السابق؛ لأنه كان لفقد الماء، والآن هو واجد له فبطل تيممه لزوال ما أباحه وإن كان له مبيح آخر في الحال، ونظيره ما ذكره في البحر في النواقض بقوله: فإذا تيمم للمرض أو للبرد مع وجود الماء ثم فقد الماء ثم زال المرض أو البرد ينتقض لقدرته على استعمال الماء وإن لم يكن الماء موجودا. ا هـ. ومثله في النهر. أقول: لكن يشكل عليه ما في البدائع لو مر المتيمم على ماء لا يستطيع النزول إليه لخوف عدو أو سبع لا ينتقض تيممه كذا ذكره محمد بن مقاتل الرازي، وقال هذا قياس قول أصحابنا؛ لأنه غير واجد للماء معنى فكان ملحقا بالعدم ا هـ. ومثله في المنية إذ لا يخفى أن خوف العدو سبب آخر غير الذي أباح له التيمم أولا، فإن الظاهر في فرض المسألة أنه تيمم أولا لفقد الماء، اللهم إلا أن يجاب بأن السبب الأول هنا باق، وفيه بحث فليتأمل (قوله؛ لأن اختلاف أسباب الرخصة إلخ) الرخصة هنا التيمم، وأسبابها ما تقدم من الأعذار المذكورة وسنحقق هذه القاعدة في باب الإيلاء (قوله جامع الفصولين) هو كتاب معتبر لابن قاضي سماوة، جمع فيه بين فصول العمادي وفصول الأسروشني، وقد ذكر هذه المسألة فيه في الفصل الرابع والثلاثين في أحكام المرضى. (قوله مستوعبا) أي يتيمم تيمما مستوعبا فهو صفة لمصدر محذوف، وهو أولى من جعله حالا فيفيد أنه ركن، وعلى الحالية يصير شرطا خارجا عن الماهية؛ لأن الأحوال شروط على ما عرف أفاده في البحر (قوله حتى لو ترك شعرة) قال في الفتح: يمسح من وجهه ظاهر البشرة والشعر على الصحيح. ا هـ. وكذا العذار، والناس عنه غافلون مجتبى، وما تحت الحاجبين فوق العينين محيط كذا في البحر (قوله أو وترة منخره) هي التي بين المنخرين ابن كمال، لكن في القاموس: الوترة محركة حرف المنخر، والوتيرة: حجاب ما بين المنخرين. (قوله ويديه) عطف بالواو دون ثم إشارة إلى أن الترتيب فيه ليس بشرط كأصله بحر، والحكم في اليد الزائدة كالوضوء ط (قوله فينتزع الخاتم إلخ) قال في الخانية: ولو لم يحرك الخاتم، إن كان ضيقا، وكذا المرأة السوار لم يجز. ا هـ. ومثله في الولوالجية. ووجهه أن التحريك مسح لما تحته، إذ الشرط المسح لا وصول التراب فافهم، لكن التقييد بالضيق يفهم أنه لو كان واسعا لا يلزم تحريكه. والظاهر أنه يقال فيه ما سنذكره في التخليل. (قوله به يفتى) أي بلزوم الاستيعاب كما في شرح الوقاية، وهو الصحيح خانية وغيرها، وهو ظاهر الرواية زيلعي، ومقابله ما روي أن الأكثر كالكل (قوله فيمسحه) أي المرفق المفهوم من المرفقين ط (قوله الأقطع) أي من المرفق إن بقي شيء منه ولو رأس العضد؛ لأن المرفق مجموع رأسي العظمات رحمتي، فلو كان القطع فوق المرفقين لا يجب اتفاقا ط (قوله بضربتين) متعلق بتيمم أو بمستوعبا أفاده في النهر، وإنما آثر عبارة الضرب على عبارة الوضع لكونها مأثورة، وإلا فهي ليست بضربة لازب، فإن محمدا قد نبه في بعض الروايات الأصول على أن الوضع كاف، والمراد بيان كفاية الضربتين لا أنه لا بد في التيمم منهما ابن كمال وقدمناه، تمام عبارته: ونبه على أن فائدة العدد أنه لا يحتاج إلى ضربة ثالثة كما يأتي. (قوله ولو من غيره) فلو أمر غيره بأن ييممه جاز بشرط أن ينوي الآمر بحر. قال ط: وظاهره أنه يكفي من الغير ضربتان، وهو خلاف ما يأتي عن القهستاني (قوله أو ما يقوم مقامها) أي خلافا لأبي شجاع، وقدمنا الكلام عليه مع ثمرة الخلاف (قوله لما في الخلاصة) عبارتها كما في البحر: ولو أدخل رأسه في موضع الغبار بنية التيمم يجوز، ولو انهدم الحائط وظهر الغبار فحرك رأسه ونوى التيمم جاز. والشرط وجود الفعل منه. ا هـ.: أي الشرط في هذه الصورة وجود الفعل منه وهو المسح أو التحريك وقد وجد، فهو دليل على أن الضرب غير لازم كما مر، وفعل غيره بأمره قائم مقام فعله فهو منه في المعنى فافهم (قوله طهرت لعادتها) اعلم أنه قال في الظهيرية: وكما يجوز التيمم للجنب لصلاة الجنازة والعيد فكذلك يجوز للحائض إذا طهرت من الحيض إذا كان أيام حيضها عشرا، وإن كان أقل فلا. ا هـ. وقال في البحر: والذي يظهر أن هذا التفصيل غير صحيح، بدليل ما اتفقوا عليه من أنه إذا انقطع لأقل من عشرة فتيممت لعدم الماء وصلت جاز للزوج وطؤها إلخ. وأجاب في النهر بحمل ما في الظهيرية على ما إذا انقطع لأقل من عادتها، لما سيأتي في الحيض من أنه حينئذ لا يحل قربانها وإن اغتسلت فضلا عن التيمم. ا هـ. أقول: لا يخفى أن قول الظهيرية إذا كان أيام حيضها عشرا ظاهر في أن ذلك عادتها، فهذا الحمل بعيد، ثم ظهر لي بتوفيق الله تعالى أن كلام الظهيرية صحيح لا إشكال فيه. وبيان ذلك أن التيمم لخوف فوت صلاة الجنازة أو العيد يصح مع وجود الماء؛ لأنها تفوت لا إلى خلف كما يأتي، وهذا في المحدث ظاهر، وكذا في الجنب. وأما الحائض فإذا طهرت لتمام العشرة فقد خرجت من الحيض ولم يبق معها سوى الجنابة فهي كالجنب. وأما إذا انقطع دمها لدون العشرة فلا تخرج من الحيض ما لم يحكم عليها بأحكام الطاهرات، بأن تصير الصلاة دينا في ذمتها أو تغتسل أو تتيمم بشرطه كما سيأتي في بابه، وقولهم أو تتيمم بشرطه أرادوا به التيمم الكامل المبيح لصلاة الفرائض، وهو ما يكون عند العجز عن استعمال الماء. وأما التيمم لصلاة الجنازة أو عيد خيف فوتها فغير كامل؛ لأنه يكون مع حضور الماء، لهذا لا تصح صلاة الفرض به ولا صلاة جنازة حضرت بعده، فعلمنا بذلك أنها لو تيممت لذلك لم تخرج من الحيض؛ لأن ذلك التيمم غير كامل. ولا يصح ذلك التيمم لقيام المنافي بعد وهو الحيض وعدم وجود شرطه وهو فقد الماء، نعم لو تيممت لذلك مع فقد الماء حكم عليها بالطهارة وجازت صلاتها به من الفرائض وغيرها؛ لأنه تيمم كامل؛ ومراد الظهيرية التيمم الناقص، وهو ما يكون مع وجود الماء، فالتفصيل الذي ذكره في الحائض صحيح لا غبار عليه، كأنه في البحر ظن أن مراده التيمم الكامل وليس كذلك كما لا يخفى. بقي الكلام في عبارة الشارح، فقوله طهرت لعادتها في غير محله؛ لأن قول المصنف ولو جنبا أو حائضا مفروض في التيمم الكامل الذي يكون عند فقد الماء والحائض يصح تيممها عند فقد الماء إذا طهرت لتمام العشرة أو لدونها، ويجب عليها أن تغتسل أو تتيمم عند فقد الماء سواء انقطع لتمام عادتها أو لدون عادتها كما سيأتي في بابه، ويأتي فيه أنه إذا انقطع لتمام العادة يحل لزوجها قربانها كما لو انقطع لتمام العشرة، وإن لدون عادتها لا يحل له قربانها، فالتقييد بالعادة في كلام الشارح إنما يفيد بالنظر إلى القربان فقط، فكان الواجب إسقاطه لإيهامه أنه لو كان لدون العادة لا يصح تيممها مع أنه يجب عليها إذا فقدت الماء لوجود الصلاة عليها كما علمت. والذي أوقعه عبارة النهر المبنية على ما فهمه صاحب النهر من كلام الظهيرية فافهم (قوله بمطهر) متعلق بتيمم، ويجوز أن يتعلق بمستوعبا، وجعله العيني صفة لضربتين فهو متعلق بمحذوف: أي ملتصقتين بمطهر نهر. قلت: والأخير أولى، لئلا يلزم تعلق حرفي جر بمعنى واحد بمتعلق واحد، إلا أن نجعل الباء في بضربتين للتعدية وفي بمطهر للملابسة أو بالعكس تأمل. وتعبيره بمطهر أولى من تعبيرهم بطاهر، لإخراج الأرض المتنجسة إذا جفت كما قدمه الشارح. وأما إذا تيمم جماعة من محل واحد فيجوز كما سيأتي في الفروع؛ لأنه لم يصر مستعملا، إذ التيمم إنما يتأدى بما التزق بيده لا بما فضل كالماء الفاضل في الإناء بعد وضوء الأول، وإذا كان على حجر أملس فيجوز بالأولى نهر (قوله من جنس الأرض) الفارق بين جنس الأرض وغيره أن كل ما يحترق بالنار فيصير رمادا كالشجر والحشيش أو ينطبع ويلين كالحديد والصفر والذهب والزجاج ونحوها فليس من جنس الأرض ابن كمال عن التحفة (قوله نقع) بفتح فسكون كما قال تعالى: {فأثرن به نقعا} (قوله لم يحتج إلخ) أي بل يخلل من غير ضربة، وليس المراد أنه لا يخلل أصلا؛ لأن الاستيعاب من تمام الحقيقة. قال الزيلعي: ويجب تخليل الأصابع إذا لم يدخل بينها غبار. وفي الهندية: والصحيح أنه لا يمسح الكف وضربها يكفي. أفاده ط. أقول: والظاهر أن ما تحت الخاتم الواسع إن أصابه الغبار لا يلزم تحريكه وإلا لزم كالتخليل المذكور (قوله وعن محمد يحتاج إليها)؛ لأن عنده لا يجوز التيمم بلا غبار فحيث لم يدخل بين الأصابع لا بد منها على قوله (قوله وهو) أي الغير (قوله يضرب ثلاثا) أي لكل واحد من الأعضاء ضربة، وهذا نقله القهستاني عن العماني وهو كتاب غريب، والمشهور في الكتب المتداولة الإطلاق، وهو الموافق للحديث الشريف {التيمم ضربتان} إلا أن يكون المراد إذا مسح يد المريض بكلتا يديه، فحينئذ لا شبهة في أنه يحتاج إلى ضربة ثالثة يمسح بها يده الأخرى (قوله وبه مطلقا) أي ويتيمم بالنقع مطلقا خلافا لأبي يوسف؛ فعنده لا يتيمم به إلا عند العجز بحر، ولا يجوز عنده إلا التراب والرمل نهر، وما في الحاوي القدسي من أنه هو المختار غريب مخالف لما اعتمده أصحاب المتون رملي. (قوله فلا يجوز بلؤلؤ إلخ) تفريع على قوله من جنس الأرض (قوله لتولده من حيوان البحر) قال الشيخ داود الطبيب في تذكرته: أصله دود يخرج في نيسان فاتحا فمه للمطر حتى إذا سقط فيه انطبق وغاص حتى يبلغ آخره (قوله ولا بمرجان إلخ) كذا قال في الفتح، وجزم في البحر والنهر بأنه سهو، وأن الصواب الجواز به كما في عامة الكتب. وقال المصنف في منحه: أقول: الظاهر أنه ليس بسهو لأنه إنما منع جواز التيمم به، لما قام عنده من أنه ينعقد من الماء كاللؤلؤ؛ فإن كان الأمر كذلك فلا خلاف في منع الجواز، والقائل بالجواز إنما قال به لما قام عنده من أنه من جملة أجزاء الأرض، فإن كان كذلك فلا كلام في الجواز. والذي دل عليه كلام أهل الخبرة بالجواهر أن له شبهين: شبها بالنبات، وشبها بالمعادن، وبه أفصح ابن الجوزي فقال: إنه متوسط بين عالمي النبات والجماد، فيشبه الجماد بتحجره، ويشبه النبات بكونه أشجارا نابتا في قعر البحر ذوات عروق وأغصان خضر متشعبة قائمة. ا هـ. أقول: وحاصلة الميل إلى ما قاله في الفتح لعدم تحقق كونه من أجزاء الأرض. ومال محشيه الرملي إلى ما في عامة الكتب من الجواز، وكان وجهه أن كونه أشجارا في قعر البحر لا ينافي كونه من أجزاء الأرض لأن الأشجار التي لا يجوز التيمم عليها هي التي تترمد بالنار، وهذا حجر كباقي الأحجار يخرج في البحر على صورة الأشجار، فلهذا جزموا في عامة الكتب بالجواز فيتعين المصير إليه. وأما في الفتح فينبغي حمله على معنى آخر، وهو ما قاله في القاموس من أن المرجان صغار اللؤلؤ، ثم رأيته منقولا عن العلامة المقدسي فقال: مراده صغار اللؤلؤ كما فسر به في الآية في سورة الرحمن، وهو غير ما أرادوه في عامة الكتب. ا هـ. وبه ظهر أن قول الشارح لشبهه للنبات إلخ في غير محله، بل العلة على ما حررناه تولده من حيوان البحر، وأما ما يخرج في قعر البحر فيجوز، وإن أشبه النبات، فاغتنم هذا التحرير. (قوله ولا بمنطبع) هو ما يقطع ويلين كالحديد منح (قوله وزجاج) أي المتخذ من الرمل وغيره بحر (قوله ومترمد) أي ما يحترق بالنار فتصير رمادا بحر (قوله إلا رماد الحجر) كجص وكلس (قوله كحجر) تنظير لا تمثيل (قوله أو مغسول) مبالغة في عدم اشتراط التراب (قوله غير مدهونة) أو مدهونة بصبغ هو من جنس الأرض كما يستفاد من البحر كالمدهونة بالطفل والمغرة ط (قوله غير مغلوب بماء) أما إذا صار مغلوبا بالماء فلا يجوز التيمم به بحر، بل يتوضأ به حيث كان رقيقا سيالا يجري على العضو رملي، وسيذكر أن المساوي كالمغلوب (قوله لكن لا ينبغي إلخ) هذا ما حرره الرملي وصاحب النهر من عبارة الولوالجية، خلافا لما فهمه منها في البحر من عدم الجواز قبل خوف خروج الوقت، وظاهره أنه أراد به عدم الصحة. وحاصل ما في الولوالجية أنه إذا لم يجد إلا الطين لطخ ثوبه منه فإذا جف تيمم به، وإن ذهب الوقت قبل أن يجف لا يتيمم به عند أبي يوسف لأن عنده لا يجوز إلا بالتراب أو الرمل. وعند أبي حنيفة إن خاف ذهاب الوقت تيمم به؛ لأن التيمم بالطين عنده جائز وإلا فلا، كي لا يتلطخ بوجهه فيصير مثلة. ا هـ. وبه يظهر معنى ما ذكره الشارح (قوله ومعادن) جمع معدن كمجلس: منبت الجواهر من ذهب ونحوه قاموس (قوله في محالها) أي ما دامت في الأرض لم يصنع منها شيء، وبعد السبك لا يجوز زيلعي (قوله فيجوز إلخ) أي إذا كانت الغلبة للتراب كما في الحلية عن المحيط، ولعل من أطلق بناه على أنها ما دامت في محالها تكون مغلوبة بالتراب، بخلاف ما إذا أخذت للسبك؛ لأن العادة إخراج التراب منها فافهم. وأفاد أن ذات المعدن لا يجوز التيمم به، قال في البحر؛ لأنه ليس بتبع للماء وحده حتى يقوم مقامه ولا للتراب كذلك، وإنما هو مركب من العناصر الأربعة فليس له اختصاص بشيء منها حتى يقوم مقامه (قوله وقيده الإسبيجابي إلخ) كذا في النهر، وظاهره أن الضمير راجع إلى التيمم بالمعادن، لكن إذا كانت مغلوبة بالتراب لا يحتاج إلى هذا القيد. وعبارة الإسبيجابي كما في البحر: ولو أن الحنطة أو الشيء الذي لا يجوز عليه التيمم إذا كان عليه التراب فضرب يده عليه وتيمم ينظر، إن كان يستبين أثره بمده عليه جاز وإلا فلا (قوله وكذا إلخ) قال في البحر بعد عبارة الإسبيجابي التي ذكرناها: وبهذا يعلم حكم التيمم على جوخة أو بساط عليه غبار فالظاهر عدم الجواز لقلة وجود هذا الشرط في نحو الجوخة فليتنبه له. ا هـ. وقال محشيه الرملي: بل الظاهر التفصيل، إن استبان أثره جاز وإلا فلا لوجود الشرط خصوصا في ثياب ذوي الأشغال. ا هـ. وهو حسن فلذا جزم به الشارح. وفي التتارخانية: وصورة التيمم بالغبار أن يضرب بيديه ثوبا أو نحوه من الأعيان الطاهرة التي عليها غبار، فإذا وقع الغبار على يديه تيمم أو ينفض ثوبه حتى يرتفع غباره فيرفع يديه في الغبار في الهواء، فإذا وقع الغبار على يديه تيمم. ا هـ. قلت: وقيد بالأعيان الطاهرة لما في التتارخانية أيضا إذا تيمم بغبار الثوب النجس لا يجوز إلا إذا وقع الغبار بعدما جف الثوب. (قوله ولو مسبوكين) هذا إنما يظهر إذا كان يمكن سبكهما بترابهما الغالب عليهما والظاهر أنه غير ممكن، ولذا قال الزيلعي كما قدمناه إنه بعد السبك لا يجوز التيمم. وفي البحر عن المحيط: ولو تيمم بالذهب والفضة: إن كان مسبوكا لا يجوز، وإن لم يكن مسبوكا وكان مختلطا بالتراب والغلبة للتراب جاز. ا هـ. نعم إذا كانا مسبوكين وكان عليهما غبار يجوز التيمم بالغبار الذي عليهما كما في الظهيرية: أي إن كان يظهر أثره بمده عليه كما مر ولكن لا ينظر فيه إلى الغلبة، فكان عليه أن يقول لو غير مسبوكين ليوافق كلامهم (قوله وأرض محترقة) أي احترق ما عليها من النبات واختلط الرماد بترابها، فحينئذ يعتبر الغالب. أما إذا أحرق ترابها من غير مخالط له حتى صارت سوداء جاز؛ لأن المتغير لون التراب لا ذاته ط (قوله فلو الغلبة إلخ) بيان لقوله والحكم للغالب (قوله ومنه) أي من قوله وإلا لا، فإن نفي الغلبة صادق بما إذا كان التراب مغلوبا أو مساويا فافهم. (قوله وجاز قبل الوقت) أقول: بل هو مندوب كما هو صريح عبارة البحر، وقل من صرح به رملي (قوله وجاز لغيره) أي لغير الفرض (قوله؛ لأنه بدل إلخ) أي هو عندنا بدل مطلق عند عدم الماء ويرتفع به الحدث إلى وقت وجود الماء، وليس ببدل ضروري ومبيح مع قيام الحدث حقيقة كما قال الشافعي، فلا يجوز قبل الوقت ولا يصلي به أكثر من فرض عنده، لكن اختلف عندنا في وجه البدلية فقالا: بين الآلتين: أي الماء والتراب وقال محمد: بين الفعلين: أي التيمم والوضوء، ويتفرع عليه جواز اقتداء المتوضئ بالمتيمم فأجازاه ومنعه وسيأتي بيانه في باب الإمامة إن شاء الله تعالى، وتمامه في البحر. (قوله وجاز لخوف فوت صلاة جنازة) أي ولو كان الماء قريبا. ثم اعلم أنه اختلف فيمن له حق التقدم فيها؛ فروى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا يجوز للولي؛ لأنه ينتظر ولو صلوا له حق الإعادة وصححه في الهداية والخانية وكافي النسفي. وفي ظاهر الرواية: يجوز للولي أيضا؛ لأن الانتظار فيها مكروه وصححه شمس الأئمة الحلواني: أي سواء انتظروه. أو لا قال في البرهان: إن رواية الحسن هنا أحسن؛ لأن مجرد الكراهة لا يقتضي العجز المقتضي لجواز التيمم؛ لأنها ليست أقوى من فوات الجمعة والوقتية مع عدم جوازه لهما، وتبعه شيخ مشايخنا المقدسي في شرح نظم الكنز لابن الفصيح. ا هـ. ملخصا من حاشية نوح أفندي (قوله أي كل تكبيراتها) فإن كان يرجو أن يدرك البعض لا يتيمم؛ لأنه يمكنه أداء الباقي وحده بحر عن البدائع والقنية (قوله أو حائضا) وكذا النفساء إذا انقطع دمهما على العادة ط. أقول: لا بد في الحائض لانقطاع دمها لأكثر الحيض، وإلا فإن لتمام العادة فلا بد أن تصير الصلاة دينا في ذمتها أو تغتسل أو يكون تيممها كاملا، بأن يكون عند فقد الماء. أما التيمم لخوف فوت الجنازة أو العيد فغير كامل وقدمنا قريبا تمام تحقيق المسألة فافهم (قوله به يفتى) أي بهذا التفصيل كما في المضمرات. وعند محمد يعيد على كل حال قهستاني (قوله أو زوال شمس) هذا إذا كان إماما أو مأموما. واعلم أنه سيأتي أن صلاة العيد تؤخر لعذر في الفطر للثاني، وفي الأضحى للثالث، فإذا اجتمع الناس في اليوم الأول قبيل الزوال والإمام بغير وضوء وكان بحيث لو توضأ زالت الشمس، فهل يكون ذلك عذرا ويؤخر ولا يتيمم أم يتيمم ولا يؤخر؟ لكن قول الشارح؛ لأن المناط خوف الفوت لا إلى بدل يقتضي التأخير فليراجع. ا هـ. ح. أقول: سيصرح الشارح هناك بأنها قضاء في اليوم الثاني ولم يجعلوها هنا كالوقتية التي يخلفها القضاء، بل صرحوا بمخالفتها لها، وبأنها تفوت بزوال الشمس، فيعلم منه أنها تؤخر لما ذكره، هذا ما ظهر لي. فتأمل.ه وانظر ما علقناه على البحر (قوله ولو كان يبني بناء) كذا في النهر، وفيه إشارة إلى أن قوله بناء مفعول مطلق، ويحتمل جعله حالا: أي ولو كان تيممه في حال كونه بانيا، ويجوز كونه مفعولا لأجله كما تقتضيه عبارة الدرر، لكنه مبني على ما ارتضاه المحقق الرضي من أنه لا يلزم فيه أن يكون فعلا قلبيا (قوله بعد شروعه متوضئا إلخ) في مسألة تفصيل مبسوط في البحر. وحاصله ما ذكره القهستاني بقوله: إن سبق الحدث في المصلي قبل الصلاة، فإن رجا إدراك شيء منها بعد الوضوء لا يتيمم؛ وإن شرع، فإن خاف زوال الشمس تيمم بالإجماع، وإلا فإن رجا إدراكه لا يتيمم، وإلا فإن شرع به تيمم إجماعا، وإن شرع بالوضوء فكذلك عنده خلافا لهما. ا هـ. وهو محمول على ما إذا خاف خروج الوقت إذا ذهب يتوضأ وإلا فلا بد من الوضوء لأمن الفوات؛ لأنه يمكنه إكمال صلاته بعد سلام إمامه تأمل، وقد اقتصروا في تصوير مسألة البناء على صلاة العيد، وذكر في الإمداد أنه ليس للاحتراز عن الجنازة؛ لأن العلة فيهما واحدة (قوله في الأصح) يرجع إلى قوله بعد شروعه متوضئا وإلى قوله بلا فرق، ومقابل الأصح في الأول قولهما، ومقابله في الثاني ما روى الحسن عن الإمام أن الإمام لا يتيمم ط (قوله؛ لأن المناط) أي الذي تعلق به الحكم المذكور وهو التيمم لخوف فوت الصلاة بلا بعد عن الماء (قوله فجاز لكسوف إلخ) تفريع على التعليل، ومراده به ما يعم الخسوف ط وهذا إلى قوله وحدها ذكره العلامة ابن أمير حاج الحلبي في الحلية بحثا، وأقره في البحر والنهر (قوله وسنن رواتب) كالسنن التي بعد الظهر والمغرب والعشاء والجمعة إذا أخرجها بحيث لو توضأ فات وقتها فله التيمم. قال ط: والظاهر أن المستحب كذلك لفوته بفوت وقته كما إذا ضاق وقت الضحى عنه وعن الوضوء فيتيمم له (قوله وخاف فوتها وحدها) أي فيتيمم على قياس قولهما؛ أما على قياس قول محمد فلا؛ لأنها إذا فاتته لاشتغاله بالفريضة مع الجماعة يقضيها بعد ارتفاع الشمس عنده، وعندهما لا يقضيها أصلا بحر. وصورة فوتها وحدها لو وعده شخص بالماء أو أمر غيره بنزحه له من بئر وعلم أنه لو انتظره لا يدرك سوى الفرض يتيمم للسنة ثم يتوضأ للفرض ويصلي قبل الطلوع، وصورها شيخنا بما إذا فاتت مع الفرض وأراد قضاءها ولم يبق إلى زوال الشمس مقدار الوضوء وصلاة ركعتين فيتيمم ويصليها قبل الزوال؛ لأنها لا تقضى بعده، ثم يتوضأ ويصلي الفرض بعده، وذكر لها ط صورتين أخريين (قوله ولنوم إلخ) أي عند وجود الماء؛ لأن الكلام فيه، ولما قرره في البحر من أن التيمم عند وجود الماء يجوز لكل عبادة تحل بدون الطهارة ولكل عبادة تفوت لا إلى خلف، وبين القاعدتين عموم وجهي يجتمعان في رد السلام مثلا فإنه يحل بدون طهارة ويفوت لا إلى الخلف، وتنفرد الأولى في مثل دخول المسجد للمحدث فإنه يحل بدون الطهارة من الحدث الأصغر ولا يصدق عليه أنه يفوت لا إلى خلف، وتنفرد الثانية في مثل صلاة الجنازة فإنها تفوت لا إلى خلف ولا تحل بدون الطهارة ح، لكن القاعدة الأولى محل بحث كما تطلع عليه (قوله وإن تجز الصلاة به) أي فيقع طهارة لما نواه له فقط كما في الحلية؛ لأن التيمم له جهتان: جهة صحته في ذاته، وجهة صحة الصلاة به، فالثانية متوقفة على العجز عن الماء، وعلى نية عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة كما سيأتي بيانه. وأما الأولى فتحصل بنية أي عبادة كانت، سواء كانت مقصودة لا تصح إلا بالطهارة كالصلاة وكالقراءة للجنب، أو غير مقصودة كذلك كدخول المسجد للجنب، أو تحل بدونها كدخوله للمحدث، أو مقصودة وتحل بدون طهارة كالقراءة للمحدث، فالتيمم في كل هذه الصور صحيح في ذاته كما أوضحه ح (قوله وكذا لكل ما لا تشترط له الطهارة) أي يجوز له التيمم مع وجود الماء، وهذه إحدى القاعدتين السابقتين، وفيها نظر سيظهر. (قوله لكن في النهر إلخ) استدراك على استدلال البحر بعبارة المبتغى على إحدى القاعدتين المذكورتين، وهي جواز التيمم عند وجود الماء لكل عبادة تحل بدون الطهارة. وبيان الاستدراك أن الدليل إنما يتم بناء على إرادة الدخول للمحدث ليكون مما لا تشترط له الطهارة، وإذا كان مراده الجنب سقط الدليل؛ لأنه لا يحل له الدخول بدونها، لكن كون المراد الجنب نظر فيه العلامة ح بأنه لا يخلو إما أن يكون الماء الموجود خارج المسجد وهو باطل أي لعدم جواز دخوله جنبا مع وجود الماء خارجه، وإما أن يكون الماء داخله وهو صحيح ولكنه بعيد من عبارته بدليل قوله وللنوم فيه. ا هـ. وعليه فالظاهر أن مراد المبتغى دخول المحدث فيتم الدليل. لكن لقائل أن يقول: إن مراد المبتغى أن الجنب إذا وجد ماء في المسجد وأراد دخوله للاغتسال يتيمم ويدخل، ولو كان نائما فيه فاحتلم والماء خارجه وخشي من الخروج يتيمم وينام فيه إلى أن يمكنه الخروج. قال في المنية: وإن احتلم في المسجد تيمم للخروج إذا لم يخف، وإن خاف يجلس مع التيمم ولا يصلي ولا يقرأ. ا هـ. ويؤيد ما قلناه أن نفس النوم في المسجد ليس عبادة حتى يتيمم له وإنما هو لأجل مكثه في المسجد أو لأجل مشيه فيه للخروج (قوله قلت إلخ) اعتراض على البحر أيضا؛ لأن عبارة المنية شاملة لدخول المسجد للمحدث وهو مما لا تشترط له الطهارة فينافي ما في البحر، لكن أجاب ح بتخصيص الدخول بالجنب فلا تنافي. أقول: ولا يخفى أنه خلاف المتبادر، ولذا علله في شرح المنية بما ذكره الشارح، وعلله أيضا بقوله؛ لأن التيمم إنما يجوز، ويعتبر في الشرح عند عدم الماء حقيقة أو حكما ولم يوجد واحد منهما فلا يجوز. ا هـ. فيفيد أن التيمم لما لم تشترط له الطهارة غير معتبر أصلا مع وجود الماء إلا إذا كان مما يخاف فوته لا إلى بدل، فلو تيمم المحدث للنوم أو لدخول المسجد مع قدرته على الماء فهو لغو، بخلاف تيممه لرد السلام مثلا؛ لأنه يخاف فوته؛ لأنه على الفور ولذا فعله صلى الله عليه وسلم، وهذا الذي ينبغي التعويل عليه (قوله لكن في القهستاني إلخ) استدراك على ما يفهم من كلام البحر من أن ما تشترط له الطهارة لا يتيمم له مع وجود الماء، وعلى ما يفهم من كلام المنية من أن كل عبادة لا يخاف فوتها لا يتيمم لها ط. قال ح: وهو نقل ضعيف مصادم للقاعدة؛ لأن سجدة التلاوة لا تحل إلا بالطهارة وتفوت إلى خلف. ا هـ. أقول: بل لا تفوت؛ لأنها لا وقت لها إلا إذا كانت في الصلاة، ولهذا نقل القهستاني أيضا عن القدوري في شرحه أنها لا يتيمم لها، وعلله في الخلاصة بما قلنا (قوله لكن سيجيء) أي في الفروع، وهذا استدراك على الاستدراك، وهذا التقييد مذكور في القهستاني أيضا بعد ورقتين نقلا عن شرح الأصل معللا بعدم الضرورة في الحضر: أي لوجود الماء فيه بخلاف السفر؛ فأفاد أن جوازه عند فقد الماء، فينافي ما نقله عن المختار من جوازه مع وجود الماء كما لا يخفى فافهم (قوله في الشرعة) أي شرعة الإسلام للعلامة أبي بكر البخاري ط (قوله وشروحها) رأيت ذلك منقولا في شرح الفاضل علي زاده ط (قوله قال) أي في الشرعة وشروحها (قوله فظاهر البزازية إلخ) هذا غير ظاهر؛ لأن عبارة البزازية: ولو تيمم عند عدم الماء لقراءة قرآن عن ظهر قلب أو من المصحف أو لمسه أو لدخول المسجد أو خروجه أو لدفن أو لزيارة قبر أو الأذان أو الإقامة لا يجوز أن يصلي به عند العامة، ولو عند وجود الماء لا خلاف في عدم الجواز. ا هـ. فإن قوله لا خلاف في عدم الجواز أي عدم جواز الصلاة به ظاهر في عدم صحته في نفسه عند وجود الماء في هذه المواضع؛ لأن من جملتها التيمم لمس المصحف، ولا شبهة في أنه عند وجود الماء لا يصح أصلا، ولما مر عن المنية وشرحها من أنه مع وجود الماء ليس بشيء بل هو عدم. والحاصل أن ما بحثه في البحر من صحة التيمم لهذه الأشياء مع وجود الماء لا بد لها من دليل، وليس في شيء مما ذكره الشارح ما يدل عليها بل فيه ما يدل على خلافها كما علمت، وأما عبارة المبتغى فقد علمت ما فيها فالظاهر عدم الصحة إلا فيما يخاف فوته كما قررناه قبل فتدبر. (قوله وإن لم تجز الصلاة به)؛ لأن جوازها به يشترط له فقد الماء أو خوف الفوت لا إلى بدل بعد أن يكون المنوي عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة، ولم يوجد ذلك في شيء مما ذكر. (قوله قلت بل لعشر إلخ) من هنا إلى قوله قلت وظاهره ساقط في بعض النسخ، وذكر ابن عبد الرزاق أنه من ملحقات الشارح على نسخته الثانية (قوله أنه يجوز) بدل من ما أو من الضابط (قوله ولو مع وجود الماء) غير مسلم كما علمت (قوله فلا يجوز) أي التيمم لمس مصحف، سواء كان عن حدث أو عن جنابة (قوله فكالأول) أي كالذي لا تشترط له الطهارة فيتيمم له مع وجود الماء ط (قوله فكالثاني) وهو ما تشترط له الطهارة ط (قوله لم تجز الصلاة به) أي لفقد الشرط، وهو أمران: كون المنوي عبادة مقصودة، وكونها لا تحل إلا بالطهارة. أما في دخول المسجد ففي المحدث فقد الأمرين، وفي الجنب فقد الأول؛ وأما في القراءة للمحدث فلفقد الثاني، ولا يراد الجنب هنا لما تقدم قريبا من قوله أو جنبا فكالثاني: أي فتجوز الصلاة به. وأما المس مطلقا فلفقد الأول والكتابة كالمس إلا إذا كتب والصحيفة على الأرض على ما مر، فإذا تيمم لذلك كانت العلة فقد الأمرين. والتعليم إن كان من محدث فلفقد الثاني، وإن كان من جنب وكان كلمة كلمة فلفقد الثاني أيضا وعارض التعليم لا يخرجه عن كونه قراءة، ولا يراد الجنب هنا إذا لم يكن التعليم كلمة كلمة لما مر. وأما زيارة القبور وعيادة المريض ودفن الميت والسلام ورده فلفقد الثاني. وأما الأذان بالنسبة إلى الجنب فلفقد الأول وللمحدث فلفقد الأمرين. وأما الإقامة مطلقا فلفقد الأول. وأما الإسلام فجرى فيه على مذهب أبي يوسف القائل بصحته في ذاته. ا هـ. ح. أقول: لا يصح عد الإسلام هنا؛ لأنه يوهم صحة تيممه له، لكن لا تجوز الصلاة به وليس ذلك قولا لأحد من علمائنا الثلاثة؛ لأنه عند أبي يوسف يصح في ذاته وتجوز الصلاة به عنده كما صرح به في البحر. وأما عندهما فلا يصح أصلا؛ وهو الأصح كما في الإمداد وغيره فافهم (قوله بخلاف صلاة جنازة) أي فإن تيممها تجوز به سائر الصلوات لكن عند فقد الماء، وأما عند وجوده إذا خاف فوتها فإنما تجوز به الصلاة على جنازة أخرى إذا لم يكن بينهما فاصل كما مر، ولا يجوز به غيرها من الصلوات أفاده ح (قوله أو سجدة تلاوة) أي فتصح الصلاة بالتيمم لها عند عدم الماء، أما عند وجوده فلا يصح التيمم لها لما علمت من أنها تفوت إلى بدل ط (قوله وظاهره إلخ) أي ظاهر قوله لم تجز الصلاة به أن التيمم لهذه المذكورات الثلاث عشر التي لا تشترط لها الطهارة صحيح في نفسه يجوز فعله. ووجه ظهور ذلك أنه لو لم يكن صحيحا في نفسه لكان المناسب أن يقال لم يصح التيمم لها أو لم يجز؛ لأنه أعم. وأقول: إن كان مراده الجواز عند فقد الماء فهو مسلم وإلا فلا، والظاهر أن مراده الثاني موافقا لما قدمه عن البحر، ولقوله فظاهر البزازية جوازه لتسع مع وجود الماء إلخ وقدمنا أنه غير ظاهر وأنه لا بد له من نقل يدل عليه ولم يوجد وأن استدلال البحر بما في المبتغى لا يفيد، نعم ما يخاف فوته بلا بدل من هذه المذكورات يجوز مع وجود الماء نظير الجنازة؛ لأنه فاقد للماء حكما فيشمله النص، بخلاف ما لا يخاف فوته منها فلا يجوز أصلا؛ لأن النص ورد بمشروعية التيمم عند فقد الماء فلا يشرع عند وجوده حقيقة وحكما، ولعله لهذا أمر بالتأمل فافهم. قوله لفواتها) أي هذه المذكورات إلى بدل؛ فبدل الوقتيات والوتر القضاء، وبدل الجمعة الظهر فهو بدلها صورة عند الفوات وإن كان في ظاهر المذهب هو الأصل، والجمعة خلف عنه خلافا لزفر كما في البحر (قوله وقيل يتيمم إلخ) هو قول زفر. وفي القنية أنه رواية عن مشايخنا بحر، وقدمنا ثمرة الخلاف (قوله قال الحلبي) أي البرهان إبراهيم الحلبي في شرحه عن المنية، وذكر مثله العلامة ابن أمير حاج الحلبي في الحلية شرح المنية حيث ذكر فروعا عن المشايخ، ثم قال ما حاصله: ولعل هذا من هؤلاء المشايخ اختيار لقول زفر لقوة دليله، وهو أن التيمم إنما شرع للحاجة إلى أداء الصلاة في الوقت فيتيمم عند خوف فوته. قال شيخنا ابن الهمام ولم يتجه لهم عليه سوى أن التقصير جاء من قبله فلا يوجب الترخيص عليه، وهو إنما يتم إذا أخر لا لعذر. ا هـ. وأقول: إذا أخر لا لعذر فهو عاص. والمذهب عندنا أنه كالمطيع في الرخص، نعم تأخيره إلى هذا الحد عذر جاء من قبل غير صاحب الحق، فينبغي أن يقال يتيمم ويصلي ثم يعيد الوضوء كمن عجز بعذر من قبل العباد، وقد نقل الزاهدي في شرحه هذا الحكم عن الليث بن سعد. وقد ذكر ابن خلكان أنه كان حنفي المذهب، وكذا ذكره في [الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية]. ا هـ. ما في الحلية. قلت: وهذا قول متوسط بين القولين، وفيه الخروج عن العهدة بيقين فلذا أقره الشارح، ثم رأيته منقولا في التتارخانية عن أبي نصر بن سلام وهو من كبار الأئمة الحنفية قطعا، فينبغي العمل به احتياطا ولا سيما وكلام ابن الهمام يميل إلى ترجيح قول زفر كما علمته، بل قد علمت من كلام القنية أنه رواية عن مشايخنا الثلاثة، ونظير هذا مسألة الضيف الذي خاف ريبة فإنهم قالوا يصلي ثم يعيد، والله تعالى أعلم. (قوله ويجب) أي على المسافر؛ لأن طلب الماء في العمرانات أو في قربها واجب مطلقا بحر (قوله طلبه) أي الماء (قوله ولو برسوله) وكذا لو أخبره من غير أن يرسله بحر عن المنية (قوله ثلثمائة ذراع) أي إلى أربعمائة درر وكافي وسراج ومبتغى. مطلب في تقدير الغلوة (قوله ذكره الحلبي) أي البرهان إبراهيم. وعبارته في شرحيه على المنية الكبير والصغير: فيطلب يمينا ويسارا قدر غلوة من كل جانب، وهي ثلاثمائة خطوة إلى أربعمائة، وقيل قدر رمية سهم. ا هـ. وفيه مخالفة لما عزاه إليه الشارح من وجهين: الأول تفسير الغلوة بالخطا لا بالأذرع. والثاني الاكتفاء بالطلب يمينا ويسارا، وهو الموافق لقول الخانية يفرض الطلب يمينا ويسارا قدر غلوة، وظاهره كما في الشيخ إسماعيل عن البرجندي أنه لا يجب في جانب الخلف والقدام، نعم في الحقائق ينظر يمينه وشماله وأمامه ووراءه غلوة. قال في البحر: وظاهره أنه لا يلزمه المشي بل يكفيه النظر في هذه الجهات وهو في مكانه إذا كان حواليه لا يستتر عنه. وقال في النهر: بل معناه أنه يقسم الغلوة على هذه الجهات، فيمشي من كل جانب مائة ذراع إذ الطلب لا يتم بمجرد النظر. ا هـ. وفي الشرنبلالية عن البرهان أن قدر الطلب بغلوة من جانب ظنه. ا هـ. قلت: لكن هذا ظاهر أن ظنه في جانب خاص، أما لو ظن أن هناك ماء دون ميل ولم يترجح عنده أحد الجوانب يطلبه فيها كلها حتى جهة خلفه إلا إذا علم أنه لا ماء فيه حين مروره عليه، ولكن هل يقسم الغلوة على الجهات أو لكل جهة غلوة؟ محل تردد. والأقرب الأول كما مر عن النهر، وصريح ما مر عن شرح المنية خلافه، ولكن الظاهر أنه لا يلزمه المشي إلا إذا لم يمكنه كشف الحال بمجرد النظر فتدبر. (قوله وفي البدائع إلخ) اعتمده في البحر (قوله ورفقته) الأولى أو رفقته؛ لأن ضرر أحدهما كاف كما هو غير خاف ح.مطلب في الفرق بين الظن وغلبة الظن (قوله ظنا قويا) أي غالبا. قال في البحر عن أصول اللامشي: إن أحد الطرفين إذا قوي وترجح على الآخر ولم يأخذ القلب ما ترجح به ولم يطرح الآخر فهو الظن، وإذا عقد القلب على أحدهما وترك الآخر فهو أكبر الظن وغالب الرأي (قوله دون ميل) ظرف لقوله قربه، وقيد به؛ لأن الميل وما فوقه بعيد لا يوجب الطلب (قوله بأمارة) أي علامة كرؤية خضرة أو طير (قوله أو إخبار عدل) قال في شرح المنية: ويشترط في المخبر أن يكون مكلفا عدلا وإلا فلا بد معه من غلبة الظن حتى يلزم الطلب؛ لأنه من الديانات (قوله وألا يغلب على ظنه) بأن شك أو ظن ظنا غير قوي نهر (قوله وإلا لا) أي إن لم يرج الماء لا يطلبه لعدم الفائدة بحر عن المبسوط (قوله أعاد وإلا لا) أي وإن لم يخبره بعدما سأله لا يعيد الصلاة زيلعي وبدائع، لكن في البحر عن السراج: ولو تيمم من غير طلب وكان الطلب واجبا وصلى ثم طلبه فلم يجده وجبت عليه الإعادة عندهما خلافا لأبي يوسف. ا هـ. ومفاده أنه تجب الإعادة هنا وإن لم يخبره. (قوله في حق جواز الصلاة) أما في حق صحته في نفسه فيكفي فيه نية ما قصده لأجله من أي عبادة كانت عند فقد الماء، وعند وجوده يصح لعبادة تفوت لا إلى خلف كما قدمناه (قوله نية عبادة) قدمنا في الوضوء تعريف النية وشروطها. وفي البحر: وشرطها أن ينوي عبادة مقصودة إلخ أو الطهارة أو استباحة الصلاة أو رفع الحدث أو الجنابة، فلا تكفي نية التيمم على المذهب، ولا تشترط نية التمييز بين الحدث والجنابة خلافا للجصاص. ا هـ. ويأتي تمام الكلام عليه قريبا. قلت: وتقدم في الوضوء أنه تكفي نية الوضوء، فما الفرق بينه وبين نية التيمم تأمل، ولعل وجه الفرق أنه لما كان بدلا عن الوضوء أو عن آلته على ما مر من الخلاف ولم يكن مطهرا في نفسه إلا بطريق البدلية لم يصح أن يجعل مقصودا بخلاف الوضوء فإنه طهارة أصلية. والأقرب أن يقال: إن كل وضوء تستباح به الصلاة، بخلاف التيمم فإن منه ما لا تستباح به، فلا يكفي للصلاة التيمم المطلق، ويكفي الوضوء المطلق، هذا ما ظهر لي، والله أعلم. (قوله ولو صلاة جنازة) قال في البحر: لا يخفى أن قولهم بجواز الصلاة بالتيمم لصلاة الجنازة محمول على ما إذا لم يكن واجدا للماء كما قيده في الخلاصة بالمسافر. أما إذا تيمم لها مع وجوده لخوف الفوت فإن تيممه يبطل بفراغه منها. ا هـ. لكن في إطلاق بطلانه نظر بدليل أنه لو حضر جنازة أخرى قبل إمكان إعادة التيمم له أن يصلي عليها به، فالأولى أن يقول فإن تيممه لم يصح إلا لما نواه وهو صلاة الجنازة فقط بدليل أنه لا يجوز له أن يصلي به ولا أن يمس المصحف ولا يقرأ القرآن جنبا، كذا قرره شيخنا حفظه الله تعالى (قوله في الأصح) هذا بناء على قول الإمام إنها مكروهة، أما على قولهما المفتى به إنها مستحبة فينبغي صحته وصحة الصلاة به أفاده ح (قوله مقصودة) المراد بها ما لا تجب في ضمن شيء آخر بطريق التبعية، ولا ينافي هذا ما في كتب الأصول من أن سجدة التلاوة غير مقصودة؛ لأن المراد هنا أنها شرعت ابتداء تقربا إلى الله تعالى، لا تبعا لغيرها، بخلاف دخول المسجد ومس المصحف، والمراد بما في الأصول أن هيئة السجود ليست مقصودة لذاتها عند التلاوة بل لاشتمالها على التواضع، وتمامه في البحر (قوله خرج دخول مسجد إلخ) أي ولو لجنب، بأن كان الماء في المسجد وتيمم لدخوله للغسل، فلا يصلي به كما مر؛ وخرج أيضا الأذان والإقامة. ولا يقال: دخول المسجد عبادة للاعتكاف لأن العبادة هي الاعتكاف والدخول تبع له، فكان عبادة غير مقصودة كما في البحر (قوله ليعم قراءة القرآن للجنب) قيد بالجنب لأن قراءة المحدث تحل بدون الطهارة، فلا يجوز أن يصلي بذلك التيمم، بخلاف الجنب، وهذا التفصيل جعله في البحر هو الحق، خلافا لمن أطلق الجواز، ولمن أطلق المنع. وأشار الشارح إلى أن القراءة عبادة مقصودة، وجعلها في البحر جزء العبادة، فزاد في الضابط بعد قوله مقصودة أو جزئها لإدخالها. واعترضه في النهر بأنه لا حاجة إليه؛ لأن وقوع القراءة جزء عبادة من وجه لا ينافي وقوعها عبادة مقصودة من وجه آخر، ألا ترى أنهم أدخلوا سجود التلاوة في المقصود مع أنه جزء من العبادة التي هي الصلاة. ا هـ. (قوله خرج السلام ورده) أي فلا يصلي بالتيمم لهما ولو عند فقد الماء، وكذا قراءة المحدث وزيارة القبور. وأما الإسلام فلا يصح ذكره هنا؛ لأنه عند أبي يوسف يصلي به وعندهما لا يصح أصلا كما نبهنا عليه سابقا، فمن عده هنا لم يصب (قوله فلغا إلخ) تفريع على اشتراط النية: أي لما شرطناها فيه، ومن شرائط صحتها الإسلام. لغا تيمم الكافر سواء نوى عبادة مقصودة لا تصح بالطهارة أو لا، وصح وضوءه لعدم اشتراط النية فيه، ولما لم يشترطها زفر سوى بينهما نهر (قوله بنية الوضوء) يريد به طهارة الوضوء، لما علمت من اشتراط نية التطهير بحر. وأشار إلى أنه لا تشترط نية التمييز بين الحدثين خلافا للجصاص كما مر، فيصح التيمم عن الجنابة بنية رفع الحدث الأصغر كما في العكس تأمل، لكن رأيت في شرح المصنف على زاد الفقير ما نصه: وقال في الوقاية: إذا كان به حدثان كالجنابة وحدث يوجب الوضوء ينبغي أن ينوي عنهما، فإن نوى عن أحدهما لا يقع عن الآخر لكن يكفي تيمم واحد عنهما. ا هـ. فقوله لكن يكفي، يعني لو تيمم الجنب عن الوضوء كفى وجازت صلاته ولا يحتاج أن يتيمم للجنابة وكذا عكسه، لكن لا يقع تيممه للوضوء عن الجنابة، ولهذا قال الرازي: وإن وجد ماء يكفي لغسل أعضائه مرة بطل في المختار؛ لأن تيممه للوضوء وقع له لا للجنابة وإن كفى عنهما فتأمل. ا هـ. ما في شرح الزادي (قوله به يفتى) كذا في الحلية عن النصاب. (قوله رجاء قويا) المراد به غلبة الظن، ومثله التيقن كما في الخلاصة وإلا فلا يؤخر لأن فائدة الانتظار أداء الصلاة بأكمل الطهارتين بحر (قوله آخر الوقت) برفع آخر على أنه نائب فاعل ندب وأصله النصب على الظرفية؛ ولا يصح نصبه على أن يكون في ندب ضمير يعود على الصلاة هو نائب الفاعل؛ لأنه كان يجب تأنيث الضمير، نعم هو جائز في الشعر فافهم، ولا على أن ضميره عائد على التيمم؛ لأن آخر الوقت محل الوضوء لا التيمم؛ لأنه فرض المسألة (قوله المستحب) هذا هو الأصح، وقيل: وقت الجواز، وقيل وإن كان على ثقة من الماء فإلى آخر وقت الجواز، وإن على طمع فإلى آخر وقت الاستحباب سراج. وفي البدائع: يؤخر إلى مقدار ما لو لم يجد الماء لأمكنه أن يتيمم ويصلي في الوقت. وفي التتارخانية عن المحيط: ولا يفرط في التأخير حتى لا تقع صلاة في وقت مكروه. واختلفوا في تأخير المغرب، فقيل. لا يؤخر، وقيل يؤخر. ا هـ. والحاصل أنه إذا رجا الماء يؤخر إلى آخر الوقت المستحب بحيث لا يقع في كراهة، وإن كان لا يرجو الماء يصلي في الوقت المستحب كوقت الإسفار في الفجر والإبراد في ظهر الصيف ونحو ذلك على ما بين في محله، لكن ذكر شراح الهداية وبعض شراح المبسوط أنه إن كان لا يرجو الماء يصلي في أول الوقت؛ لأن أداء الصلاة فيه أفضل، إلا إذا تضمن التأخير فضيلة لا تحصل بدونه كتكثير الجماعة، ولا يتأتى هذا في حق من في المفازة، فكان التعجيل أولى كما في حق النساء؛ لأنهن لا يصلين بجماعة. وتعقبهم الأتقاني في غاية البيان بأنه سهو منهم بتصريح أئمتنا باستحباب تأخير بعض الصلوات بلا اشتراط جماعة. وأجاب في السراج بأن تصريحهم محمول على ما إذا تضمن التأخير فضيلة وإلا لم يكن له فائدة، فلا يكون مستحبا، وانتصر في البحر للأتقاني بما فيه نظر كما أوضحناه فيما علقناه عليه. والذي يؤيد كلام الشراح أن ما ذكره أئمتنا من استحباب الإسفار بالفجر والإبراد بظهر الصيف معلل بأن فيه تكثير الجماعة وتأخير العصر لاتساع وقت النوافل وتأخير العشاء لما فيه من قطع السمر المنهي عنه، وكل هذه العلل مفقودة في حق المسافر؛ لأنه في الغالب يصلي منفردا، ولا يتنفل بعد العصر، ويباح له السمر بعد العشاء كما سيأتي، فكان التعجيل في حقه أفضل وقولهم كتكثير الجماعة مثال للفضيلة لا حصر فيها. [تنبيه]
في المعراج عن المجتبى: يتخالج في قلبي فيما إذا كان يعلم أنه إن أخر الصلاة إلى آخر الوقت يقرب من الماء بمسافة أقل من ميل لكن لا يتمكن من الصلاة بالوضوء في الوقت الأولى أن يصلي في أول الوقت مراعاة لحق الوقت وتجنبا عن الخلاف. ا هـ. واستحسنه في الحلية. (قوله من ليس في العمران) أي سواء كان مسافرا أو مقيما منح ونوح أفندي عن شرح الجامع لفخر الإسلام. أما في العمران فتجب عليه الإعادة؛ لأن العمران يغلب فيه وجود الماء فكان عليه طلبه فيه، وكذا فيما قرب منه كما قدمناه. والظاهر أن الأخبية بمنزلة العمران؛ لأن إقامة الأعراب فيها لا تتأتى بدون الماء فوجوده غالب فيها أيضا. وعليه فيشكل قولهم سواء كان مسافرا أو مقيما فليتأمل (قوله ونسي الماء) أو شك كما في السراج نهر. أقول: هو سبق قلم؛ لأن عبارة السراج: هكذا قيد بالنسيان احترازا عما إذا شك أو ظن أن ماءه قد فني فصلى ثم وجده فإنه يعيد إجماعا (قوله في رحله) الرحل للبعير كالسرج للدابة، ويقال لمنزل الإنسان ومأواه رحل أيضا ومنه نسي الماء في رحله مغرب، لكن قولهم لو كان الماء في مؤخرة الرحل يفيد أن المراد بالرحل الأول بحر. وأقول: الظاهر أن المراد به ما يوضع به الماء عادة؛ لأنه مفرد مضاف فيعم كل رحل سواء كان منزلا أو رحل بعير، وتخصيصه بأحدهما مما لا برهان عليه نهر (قوله وهو مما ينسى عادة) الجملة حالية، ومحترزه قوله كما لو نسيه في عنقه إلخ (قوله لا إعادة عليه) أي إذا تذكره بعدما فرغ من صلاته، فلو تذكر فيها يقطع ويعيد إجماعا سراج، وأطلق فشمل ما لو تذكر في الوقت أو بعده كما في الهداية وغيرها خلافا لما توهمه في المنية، وما لو كان الواضع للماء في الرحل هو أو غيره بعلمه بأمره أو بغير أمره خلافا لأبي يوسف؟ أما لو كان غيره بلا علمه فلا إعادة اتفاقا حلية (قوله أعاد اتفاقا)؛ لأنه كان عالما به وظهر خطأ الظن حلية؛ وكذا لو شك كما قدمناه عن السراج، وهو مفهوم بالأولى (قوله في عنقه) أي عنق نفسه (قوله أو في مقدمه إلخ) أي مقدم رحله؛ واحترز به عما لو نسيه في مؤخره راكبا أو مقدمه سائقا فإنه على الاختلاف، وكذا إذا كان قائدا مطلقا بحر (قوله أو مع نجس) بفتح الجيم: أي بأن كان حاملا له أو في بدنه وكان أكثر من الدرهم، وهو معطوف على قوله أو نسي والظرف متعلق بصلى محذوفا لعلمه من المقام، ولا يصح عطفه على عريانا ليتعلق بصلى المذكور المقيد بقوله نسي ثوبه؛ لأن نسيان الثوب هنا لا دخل له (قوله ثم ذكر) أي بعدما فعل جميع ما ذكر ناسيا (قوله أعاد إجماعا) راجع إلى الكل، لكن في الزيلعي أن مسألة الصلاة في ثوب نجس أو عريانا على الاختلاف وهو الأصح. ا هـ. (قوله ويطلبه وجوبا على الظاهر) أي ظاهر الرواية على أصحابنا الثلاثة كما سيذكره مع تعليله، وكونه ظاهر الرواية عنهم أخذه في البحر من قول المبسوط عليه أن لا يسأله إلا على قول الحسن بن زياد إن في سؤاله مذلة ورد به ما في الهداية وغيرها من أنه يلزمه عندهما لا عنده، ووفق في شرح المنية الكبير بأن الحسن رواه عن أبي حنيفة في غير ظاهر الرواية وأخذ هو به فاعتمد في المبسوط ظاهر الرواية؛ واعتمد في الهداية رواية الحسن لكونها أنسب بمذهب أبي حنيفة من عدم اعتبار القدرة بالغير. أقول: وبقول الإمام جزم في المجمع والملتقى والوقاية وابن الكمال أيضا، وقال: هذا على وفق ما في الهداية والإيضاح والتقريب وغيرها. وفي التجريد: ذكر محمدا مع أبي حنيفة. وفي الذخيرة عن الجصاص أنه لا خلاف، فإن قوله فيما إذا غلب على ظنه منعه إياه، وقولهما عند غلبة الظن بعدم المنع. ا هـ. أقول: وقد مشى على هذا التفصيل في الزيادات والكافي، وهو قريب من قول الصفار: إنه يجب في موضع لا يعز فيه، إذ لا يخفى أنه حينئذ لا يغلب على الظن المنع. وقال في شرح المنية: إنه المختار. وفي الحلية أنه الأوجه؛ لأن الماء غير مبذول غالبا في السفر خصوصا في موضع عزته، فالعجز متحقق ما لم يظن الدفع. ا هـ. وحيث نص الإمام الجصاص على التوفيق بما ذكر ارتفع الخلاف، ولا يبعد حمل ما في المبسوط عليه كما سنشير إليه، والله الموفق (قوله من رفيقه) الأولى حذفه وإبقاء المتن على عمومه ط، ولذا قال نوح أفندي وغيره ذكر الرفيق جرى مجرى العادة، وإلا فكل من حضر وقت الصلاة فحكمه كذلك رفيقا كان أو غيره. ا هـ. وقد يقال: أراد بالرفيق من معه من أهل القافلة، وهو مفرد مضاف فيعم، ثم خصصه بقوله ممن هو معه والظاهر أنه لو كانت القافلة كبيرة يكفيه النداء فيها إذ يعسر الطلب من كل فرد وطلب رسوله كطلبه نظير ما مر (قوله ممن هو) أي الماء الكافي للتطهير (قوله بثمن مثله) أي في ذلك الموضع بدائع. وفي الخانية: في أقرب المواضع من الموضع الذي يعز فيه الماء. قال في الحلية: والظاهر الأول، إلا أن لا يكون للماء في ذلك الموضع قيمة معلومة كما قالوا في تقويم الصيد (قوله وله ذلك) أي وفي ملكه ذلك الثمن، وقدمنا أنه لو له مال غائب وأمكنه الشراء نسيئة وجب، بخلاف ما لو وجد من يقرضه؛ لأن الأجل لازم ولا مطالبة قبل حلوله بخلاف القرض بحر (قوله فاضلا عن حاجته) أي من زاد ونحوه من الحوائج اللازمة حلية. قلت: ومنها قضاء دينه تأمل (قوله لا يتيمم)؛ لأن القدرة على البدل قدرة على الماء بحر (قوله وهو ضعف قيمته) هذا ما في النوادر، وعليه اقتصر في البدائع والنهاية، فكان هو الأولى بحر، لكنه خاص بهذا الباب لما يأتي في شراء الوصي أن الغبن الفاحش ما لا يدخل تحت تقويم المقومين. ا هـ. ح. أقول: هو قول هنا أيضا. وفي شرح المنية أنه الأوفق (قوله في ذلك المكان) مبني على ما نقلناه عن البدائع. [تنبيه]
لو ملك العاري ثمن الثوب، قيل لا يجب شراؤه، وقيل يجب كالماء سراج، وجزم بالثاني في المواهب (قوله ثمن ذلك) الأولى حذف ثمن؛ لأن اسم الإشارة راجع إليه لا إلى الماء ط (قوله وأما للعطش) أي هذا الحكم في الشراء للوضوء وأما إلخ (قوله مذكورة في الأشباه) أي في أواخرها، وليست مما نحن فيه، فلا يلزمنا ذكرها هنا (قوله وقبل طلبه إلخ) مفهوم قوله ويطلبه وجوبا إلخ ح. وفي النهر اعلم أن الرائي للماء مع رفيقه؛ إما أن يكون في الصلاة أو خارجها، وفي كل إما أن يغلب على ظنه الإعطاء أو عدمه أو شك، وفي كل إما أن يسأله أو لا؛ وفي كل إما أن يعطيه أو لا. فهي أربعة وعشرون، فإن في الصلاة وغلب على ظنه الإعطاء قطع وطلب؛ فإن لم يعطه بقي تيممه؛ فلو أتمها ثم سأل، فإن أعطاه استأنف وإلا تمت كما لو أعطاه بعد الإباء، وإن غلب على ظنه عدمه أو شك لا يقطع؛ فلو أعطاه بعدما أتمها بطلت وإلا لا؛ وإن خارجها، فإن صلى بالتيمم بلا سؤال فعلى ما سبق، فلو سأل بعدها وأعطاه أعاد وإلا لا، سواء ظن الإعطاء أو المنع أو شك، وإن منعه ثم أعطاه لا وبطل تيممه، ولا يتأتى في هذا القسم ظن ولا شك. ا هـ. (قوله؛ لأنه مبذول عادة) أي غالبا، وفيه إشارة إلى أنه لو كان في موضع يعز فيه ويغلب على الظن منعه وعدم بذله أنه يجوز التيمم لتحقق العجز كما قدمناه فلا ينافي ما قدمناه من التوفيق، ولذا قال في المجتبى: الغالب عدم الضنة بالماء؛ حتى لو كان في موضع تجري عليه الضنة لا يجب الطلب منه (قوله وعليه) أي بناء على ظاهر الرواية فيجب إلخ. وقد نقل الوجوب في النهر عن المعراج، ثم قال: لكن لا يجب كما في الفتح وغيره. وفي السراج قيل يجب الطلب إجماعا، وقيل لا يجب. ا هـ. وينبغي أن يكون الأول بناء على الظاهر، والثاني على ما في الهداية. ا هـ. أي من اختيار رواية الحسن كما قدمناه. قلت: وهو توفيق حسن؛ فلذا أشار إليه الشارح حيث جعل الوجوب مبنيا على الظاهر، لكن يخالفه ما في المعراج فإنه قال: ولو كان مع رفيقه دلو يجب أن يسأله بخلاف الماء. ا هـ. ومثله في التتارخانية فليتأمل. ثم الأظهر وجوب الطلب كالماء كما في المواهب، واقتصر عليه في الفيض الموضوع لنقل الراجح المعتمد كما قال في خطبته: وينبغي تقييده بما إذا غلب على ظنه الإعطاء كالماء إلا أن يفرق بأنه ليس مما تشح به النفوس في السفر، بخلاف الماء تأمل (قوله وكذا الانتظار) أي يجب انتظاره للدلو إذ قال إلخ لكن هذا قولهما. وعنده لا يجب بل يستحب أن ينتظر إلى آخر الوقت، فإن خاف فوت الوقت تيمم وصلى، وعلى هذا لو كان مع رفيقه ثوب وهو عريان فقال انتظر حتى أصلي وأدفعه إليك. وأجمعوا: أنه إذا قال: أبحت لك مالي لتحج به أنه لا يجب عليه الحج. وأجمعوا أنه في الماء ينتظر وإن خرج الوقت ومنشأ الخلاف أن القدرة على ما سوى الماء هل تثبت بالإباحة فعنده لا، وعندهما نعم كذا في الفيض والفتح والتتارخانية وغيرها، وجزم في المنية بقول الإمام: وظاهر كلامهم ترجيحه. وفي الحلية: والفرق للإمام أن الأصل في الماء الإباحة والحظر فيه عارض فيتعلق الوجوب بالقدرة الثابتة بالإباحة، ولا كذلك ما سواه، فلا يثبت إلا بالملك كما في الحج. ا هـ. فتنبه (قوله إن ظن الإعطاء قطع) أي إن غلب على ظنه. قال في النهر: فلا تبطل بل يقطعها؛ فإن لم يفعل، فإن أعطاه بعد الفراغ أعاد وإلا لا كما جزم به الزيلعي وغيره فما جزم به في الفتح من أنها تبطل ففيه نظر: نعم ذكر في الخانية عن محمد أنها تبطل بمجرد الظن، فمع غلبته أولى وعليه يحمل ما في الفتح. ا هـ. (قوله لكن في القهستاني) استدراك على المتن كما هو سياق القهستاني، فكان الواجب تقديمه ثم الجواب عن المحيط أنه غير ظاهر الرواية ح. قلت: وقد علمت التوفيق بما قدمناه عن الجصاص، من أنه لا خلاف في الحقيقة؛ فقول المصنف ويطلبه إلخ أي إن ظن الإعطاء، بأن كان في موضع لا يعز فيه الماء وقدمناه عن شروح المنية أنه المختار، وأنه الأوجه فتنبه. مطلب فاقد الطهورين (قوله فاقد) بالرفع صفة المحصور، واللام فيه للعهد الذهني فيكون في حكم النكرة وبالنصب على الحال، كذا رأيته بخط الشارح (قوله ولا يمكن إخراج تراب مطهر) أما لو أمكنه بنقر الأرض أو الحائط بشيء فإنه يستخرج ويصلي بالإجماع بحر عن الخلاصة. قال ط: وفيه أنه يلزم التصرف في مال الغير بلا إذنه (قوله يؤخرها عنده) لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا صلاة إلا بطهور} سراج (قوله وقالا يتشبه بالمصلين) أي احتراما للوقت. قال ط: ولا يقرأ كما في أبي السعود، سواء كان حدثه أصغر أو أكبر. ا هـ. قلت: وظاهره أنه لا ينوي أيضا؛ لأنه تشبه لا صلاة حقيقية تأمل (قوله إن وجد مكانا يابسا) أي لأمنه من التلوث، لكن في الحلية: الصحيح على هذا القول أنه يومئ كيفما كان؛ لأنه لو سجد صار مستعملا للنجاسة (قوله كالصوم) أي في مثل الحائض إذا طهرت في رمضان، فإنها تمسك تشبها بالصائم لحرمة الشهر ثم تقضي، وكذا المسافر إذا أفطر فأقام (قوله مقطوع اليدين) أي من فوق المرفقين والكعبين وإلا مسح محل القطع كما تقدم، لكن سيأتي في آخر صلاة المريض بعد حكاية المصنف ما ذكره هنا، وقيل لا صلاة عليه، وقيل يلزمه غسل موضع القطع (قوله إذا كان بوجهه جراحة) وإلا مسحه على التراب إن لم يمكنه غسله (قوله ولا يعيد على الأصح) لينظر الفرق بينه وبين فاقد الطهورين لمرض، فإنه يؤخر أو يتشبه على الخلاف المذكور آنفا كما علمت مع اشتراكهما في إمكان القضاء بعد البرء وكون عذرهما سماويا تأمل. (قوله وبهذا ظهر إلخ) رد لما في الخلاصة وغيرها عن أبي علي السغدي، من أنه لو صلى في الثوب النجس أو إلى غير القبلة لا يكفر؛ لأنها جائزة حالة العذر. أما الصلاة بلا وضوء فلا يؤتى بها بحال فيكفر. قال الصدر الشهيد: وبه نأخذ. ا هـ. ووجه الرد أنها جائزة في مسألة المقطوع المذكورة، فحيث كانت علة عدم الإكفار الجواز حالة العذر لزم القول به في الصلاة بلا وضوء فافهم (قوله وقد مر) أي في أول كتاب الطهارة، وقدمنا هناك عن الحلية البحث في هذه العلة وأن علة الإكفار إنما هي الاستخفاف. (قوله أعاد)؛ لأنه مانع من قبل العباد (قوله وإلا لا) عللوه بأن الغالب في السفر عدم الماء. قال في الحلية: وهذا يشير إلى أنه لو كان بحضرته أو بقرب منه ماء تجب الإعادة لتمحض كون المنع من العبد (قوله إن في السفر نعم) لما علمت (قوله وإلا لا) لعدم الضرورة قهستاني عن شرح الأصل، ولعل وجهه: أنه إذا فقد الماء وقت التلاوة يجده بعدها؛ لأن الحضر مظنة الماء فلا ضرورة، بخلاف السفر فإن الغالب فيه فقد الماء، وبتأخيرها إلى وجوده عرضة نسيانها تأمل. (قوله المسبل) أي الموضوع في الحباب لأبناء السبيل (قوله لا يمنع التيمم)؛ لأنه لم يوضع للوضوء بل للشرب، فلا يجوز الوضوء به وإن صح (قوله ما لم يكن كثيرا) قال في شرح المنية: الأولى الاعتبار بالعرف لا بالكثرة، إلا إذا اشتبه (قوله أيضا) أي كالشرب (قوله ويشرب ما للوضوء) مقابل المسألة الأولى؛ لأنه يفهم منها أن المسبل للشرب لا يتوضأ به، فذكر أن ما سبل للوضوء يجوز الشرب منه، وكان الفرق أن الشرب أهم؛ لأنه لإحياء النفوس بخلاف الوضوء؛ لأن له بدلا فيأذن صاحبه بالشرب منه عادة؛ لأنه أنفع. هذا، وقد صرح في الذخيرة بالمسألتين كما هنا، ثم قال: وقال ابن الفضل بالعكس فيهما. قال في شرح المنية: والأول أصح. (قوله الجنب أولى بمباح إلخ) هذا بالإجماع تتارخانية: أي ويتيمم الميت ليصلى عليه، وكذا المرأة والمحدث ويقتديان به؛ لأن الجنابة أغلظ من الحدث والمرأة لا تصلح إماما، لكن في السراج أن الميت أولى؛ لأن غسله يراد للتنظيف وهو لا يحصل بالتراب. ا هـ. تأمل. ثم رأيت بخط الشارح عن الظهيرية أن الأول أصح وأنه جزم به صاحب الخلاصة وغيره. ا هـ. وفي السراج أيضا لو كان يكفي للمحدث فقط كان أولى به؛ لأنه يرفع حدثه (قوله فهو أولى)؛ لأنه أحق بملكه سراج (قوله ينبغي صرفه للميت) أي ينبغي لكل منهم أن يصرف نصيبه للميت حيث كان كل واحد لا يكفيه نصيبه، ولا يمكن الجنب ولا غيره أن يستقل بالكل؛ لأنه مشغول بحصة الميت، وكون الجنابة أغلظ لا يبيح استعمال حصة الميت فلم يكن الجنب أولى، بخلاف ما لو كان الماء مباحا فإنه حيث أمكن به رفع الجنابة كان أولى فافهم. [تتمة]
قال في المعراج: والأب أولى من ابنه لجواز تملكه مال ابنه. ا هـ. (قوله جاز)؛ لأنه لم يصر مستعملا، إنما المستعمل ما ينفصل عن العضو بعد المسح قياسا على الماء شرح المنية. ونحوه ما قدمناه عن النهر، وهو المذكور في الحلية فافهم. (قوله ولا يخاف العطش) إذ لو خافه لا يحتاج إلى حيلة لاشتغاله بحاجته الأصلية. والظاهر أن عطش غيره من أهل القافلة كعطشه وإن كان لا يسقيهم منه، إذ لو اضطر أحدهم إليه وجب دفعه له فيما يظهر، ولذا جاز له قتاله كما مر (قوله بما يغلبه) أي بشيء يخرجه عن كونه ماء مطلقا كماء ورد أو سكر مثلا (قوله أو يهبه) أي ممن يثق بأنه يرده عليه بعد ذلك فافهم (قوله على وجه يمنع الرجوع) كذا ذكره في شرح المنية، لقول قاضي خان: إن قولهم الحيلة أن يهبه من غيره ويسلمه ليس بصحيح عندي؛ لأنه إذا تمكن من الرجوع كيف يجوز له التيمم؟ قال في شرح المنية: وهو الفقه بعينه، والحيلة الصحيحة أن يخلطه إلخ. قلت: لكن يدفع هذا قوله: على وجه يمنع الرجوع، أي بأن تكون الهبة بشرط العوض. وأيضا فقد أجاب في الفتح بأن الرجوع في الهبة مكروه وهو مطلوب العدم شرعا، فيجوز أن يعتبر الماء معدوما في حقه لذلك وإن قدر عليه. قال في الحلية، وهو الحسن. أقول: على أن الرجوع في الهبة يتوقف على الرضا أو القضاء. لكن قد يقال: إنه ما وهبه إلا ليسترده والموهوب منه لا يمنعه إذا طلبه الواهب وذلك يمنع التيمم. والجواب: أنه يسترده بهبة أو شراء لا بالرجوع فلا يلزم المكروه، والموهوب منه إذا علم بالحيلة يمتنع من دفعه للوضوء، تأمل. (قوله وناقضه ناقض الأصل إلخ) أي ما جعل التيمم بدلا عنه من وضوء أو غسل. واعلم أن كل ما نقض الغسل مثل المني نقض الوضوء ويزيد الوضوء بأنه ينتقض بمثل البول، فالتعبير ب ناقض الوضوء كما في الكنز يشمل ناقض الغسل، فيساوي التعبير بناقض الأصل كما في البحر. واعترضه المصنف في منحه بما حاصله أنه وإن نقض تيمم الوضوء كل ما نقض الغسل، لكن لا ينقض تيمم الغسل كل ما نقض الوضوء؛ لأنه إذا تيمم عن جنابة ثم بال مثلا فهذا ناقض للوضوء لا ينتقض به تيمم الغسل بل تنتقض طهارة الوضوء التي في ضمنه، فتثبت له أحكام الحدث لا أحكام الجنابة فقد وجد ناقض الوضوء ولم ينتقض تيمم الجنابة، فظهر أن التعبير بناقض الأصل أولى من ناقض الوضوء لشموله التيمم عن الحدثين فأين المساواة؟،. ا هـ. لكن في عبارة المصنف في المنح حذف المضاف من بعض المواضع فذكرناه ليزول الاشتباه فافهم. قوله فلو تيمم إلخ) تفريع صحيح دل عليه كلام المتن؛ لأن منطوق عبارة المتن أنه لو تيمم عن حدث انتقض بناقض أصله وهو الوضوء وذلك كل ما نقض الوضوء والغسل كما مر، ولو تيمم عن جنابة انتقض بناقض أصله وهو الغسل، ومفهومه أنه لا ينتقض بغير ناقض أصله، ففرع على هذا المفهوم كما هو عادته في مواضع لا تحصى أنه إذا تيمم الجنب ثم أحدث لا ينتقض تيممه عن الجنابة؛ لأن الحدث لا ينقض أصله وهو الغسل، فلا يصير جنبا وإنما يصير محدثا بهذا الحدث العارض فافهم. (قوله فيتوضأ إلخ) تفريع على التفريع: أي وإذا صار محدثا فيتوضأ حيث وجد ما يكفيه للوضوء فقط ولو مرة مرة، ولكن لو كان لبس الخف بعد ذلك التيمم وقبل الحدث ينزعه ويغسل؛ لأن طهارته بالتيمم ناقصة معنى، ولا يمسح إلا إذا لبسه على طهارة تامة وهي طهارة الوضوء لا طهارة التيمم على ما سيأتي؛ نعم بعدما توضأ أو غسل رجليه يمسح؛ لأنه ليس على وضوء كامل، والمسح للحدث لا للجنابة إلا إذا مر بالماء الكافي للغسل فحينئذ لا يمسح بل يبطل تيممه من أصله ويعود جنبا على حاله الأول؛ فلو جاوز الماء ولم يغتسل يتيمم للجنابة. ثم إذا أحدث ووجد ما يكفيه للوضوء فقط توضأ ونزع الخف وغسل؛ لأن الجنابة لا يمنعها الخف كما سيأتي، ثم بعده يمسح ما لم يمر بالماء وهكذا (قوله فمع إلخ) تفريع على قوله فيتوضأ، حيث أفاد أنه وجد ماء يكفيه للوضوء فقط إنما يتوضأ به إذا أحدث بعد تيممه عن الجنابة، أما لو وجده وقت التيمم قبل الحدث لا يلزمه عندنا الوضوء به عن الحدث الذي مع الجنابة؛ لأنه عبث، إذ لا بد له من التيمم؛ وعلى هذا فقول صدر الشريعة: إذا كان للجنب ماء يكفي للوضوء لا الغسل يجب عليه التيمم لا الوضوء خلافا للشافعي. أما إذا كان مع الجنابة حدث يوجب الوضوء يجب عليه الوضوء، فالتيمم للجنابة بالاتفاق ا هـ. مشكل؛ لأن الجنابة لا تنفك عن حدث يوجب الوضوء وقد قال أولا يجب عليه التيمم لا الوضوء؛ فقوله ثانيا يجب عليه الوضوء. تناقض وجوابه كما قال القهستاني إن مع في قوله مع الجنابة بمعنى بعد. ولما كان في هذا التفريع والجواب دقة وخفاء ودفع لاعتراضات المحشين على صدر الشريعة أمر بالتفهم، ولله در هذا الشارح على هذه الرموز التي هي مفاتيح الكنوز (قوله ولو إباحة) مفعول مطلق: أي ولو أباحه مالكه له إباحة كان قادرا أو تمييز أو حال: أي ولو وجدت القدرة من جهة الإباحة أو في حال الإباحة وأطلقه فشمل ما لو كانوا جماعة والماء المباح يكفي أحدهم فقط، فينتقض تيمم الكل لتحقق الإباحة في حق كل منهم، بخلاف ما لو وهب لهم فقبضوه؛ لأنه لا يصيب كلا منهم ما يكفيه. وتمامه في الفتح (قوله في صلاة) من مدخول المبالغة: أي ولو كانت القدرة أو الإباحة في صلاة ينتقض التيمم وتبطل الصلاة التي هو فيها، إلا إذا كان الماء سؤر حمار فإنه يمضي فيها ثم يعيدها بسؤر الحمار، لما مر أنه لا يلزم الجمع بينهما في فعل واحد، فما في المنية من أنها تفسد غير صحيح كما ذكره الشارحان. ولو صلى بالتيمم ثم وجد الماء في الوقت لا يعيد منية: أي إلا إذا كان العذر المبيح من قبل العباد فيعيد ولو بعد الوقت كما مر، فتنبه حلية (قوله كاف لطهره) أي للوضوء لو محدثا، وللاغتسال ولو جنبا. واحترز به عما إذا كان يكفي لبعض أعضائه أو يكفي للوضوء وهو جنب، فلا يلزمه استعماله عندنا ابتداء كما مر، فلا ينقض كما في الحلية (قوله ولو مرة مرة) فلو غسل به كل عضو مرتين أو ثلاثا فنقص عن إحدى رجليه انتقض تيممه هو المختار؛ لأنه لو اقتصر على المرة كفاه بحر عن الخلاصة (قوله وغسل نجس مانع) فلو لم يكفه يلزمه أيضا تقليل النجاسة كما يفهم من تعليلهم في كثير من الشروح، لكن في الخلاصة أنه لا يلزمه بحر: أي إلا إذا أمكن أن يبقى أقل من قدر الدرهم كما بحثناه فيما مر فيلزمه ولا ينتقض تيممه (قوله ولمعة جنابة) أي لو اغتسل وبقيت على بدنه لمعة لم يصبها الماء فتيمم لها ثم أحدث فتيمم له ثم وجد ما يكفيها فقط فإنه يغسلها به، ولا يبطل تيممه للحدث. ثم اعلم أن هذه المسألة على خمسة أوجه: الأول: أن يكفيهما معا فيغسلها ويتوضأ ويبطل تيممه لهما. الثاني: أن لا يكفي واحدا منهما. فيبقى تيممه لهما ويغسل به بعض اللمعة لتقليل الجنابة. الثالث: أن يكفي اللمعة فقط وقدمناه. الرابع: عكسه، فيتوضأ به ويبقى تيممه لها على حاله. الخامس: أن يكفي أحدهما بمفرده غير معين فيغسل به اللمعة، ولا ينتقض تيمم الحدث عند أبي يوسف. وعند محمد ينتقض ويظهر أن الأول أوجه، وهذا إذا وجد الماء بعدما تيمم للحدث، فلو قبله فعلى خمسة أوجه أيضا ففي الوجه الأول: يغسلها ويتوضأ للحدث. وفي الثاني: يتيمم للحدث ويغسل به بعض اللمعة إن شاء. وفي الثالث: يغسلها ويتيمم للحدث. وفي الرابع: يتوضأ ويبقى تيممه لها. وفي الخامس: كالثالث؛ لأن الجنابة أغلظ، لكن في رواية يلزمه غسلها قبل التيمم للحدث ليصير عادما للماء. وفي رواية يخير. ا هـ. ملخصا من الحلية، وعلى الرواية الأولى اقتصر في المنية (قوله؛ لأن المشغول إلخ) ارتكب في التعليل النشر المشوش ط (قوله كالمعدوم) ولذا جاز له التيمم ابتداء. وقد اعترض بهذا في البحر تبعا للحلية على قولهم لو كان بثوبه نجاسة فتيمم أولا ثم غسلها يعيد التيمم إجماعا.؛ لأنه تيمم وهو قادر على الوضوء. فقال: فيه نظر، بل الظاهر جواز التيمم مطلقا؛ لأن المستحق الصرف إلى جهة معدوم حكما كمسألة اللمعة: أي على رواية التخيير. قلت: لكن فرق في السراج بينهما بأنه هنا قادر على ماء لو توضأ به جاز، بخلاف مسألة اللمعة؛ لأنه عاد جنبا برؤية الماء. ا هـ. وهو فرق حسن دقيق فتدبر.ه. (قوله لا تنقضه ردة) أي فيصلي به إذا أسلم؛ لأن الحاصل بالتيمم صفة الطهارة والكفر لا ينافيها كالوضوء، والردة تبطل ثواب العمل لا زوال الحدث شرح النقاية (قوله بطل ببرئه إلخ) أي لقدرته على استعمال الماء وإن لم يكن الماء موجودا بحر، وكذا لو تيمم لعدم الماء ثم مرض كما قدمه عن جامع الفصولين. وقدمنا الكلام عليه مع ما في المقام من الإشكال (قوله والحاصل) أراد به التنبيه على أن ذلك قاعدة كلية تغني عن ذكر قدرة الماء الكافي فافهم (قوله وما لا يمنع إلخ) وذلك كوجود الماء عند المريض العاجز عن استعماله. (قوله في الابتداء) متعلق بوجوده أو بالتيمم (قوله بعد ذلك) متعلق بوجوده واسم الإشارة عائد على التيمم، والتيمم: بالنصب مفعول ينقض. وعبارة الشارح في الخزائن: فلا ينقض وجوده بعده ذلك التيمم وهي أظهر (قوله ولو قال) يعني بعد قوله وناقضه ناقض الأصل (قوله فلو تيمم إلخ) ذكره القهستاني حثا بقوله ينبغي أن ينتقض تيممه؛ لأنه قدر على الماء حكما. ويؤيده ما قال الزاهدي إن عدم الماء شرط الابتداء فكان شرط البقاء. ا هـ. ولظهوره جزم به الشارح (قوله فانتقص) أي البعد عن ميل بسبب السير وهو بالصاد المهملة وقوله انتقض: أي التيمم وهو بالضاد المعجمة ففيه جناس (قوله ومرور ناعس إلخ) مبتدأ خبره قوله كمستيقظ منح، والناعس هو الذي يعي أكثر ما يقال عنده ولم تزل قوته الماسكة ط. واعلم أن مرور الناعس على الماء ينقض تيممه سواء كان عن حدث أو جنابة متمكنا أو لا. ومرور النائم مثله، لكن لو كان غير متمكن مقعدته وكان تيممه عن حدث يكون الناقض النوم لا المرور كما يعلم من البحر، وبه يعلم ما في كلام الشارح، فكان الصواب أن يقول ومرور ناعس مطلقا أو نائم متيمم عن جنابة أو عن حدث وكان متمكنا فافهم (قوله فينتقض) نتيجة التشبيه بالمستيقظ (قوله وأبقيا تيممه) أي أبقى الصاحبان تيممه لعجزه عن استعمال الماء (قوله وهو) أي قول الصاحبين الرواية المصححة عنه. أي عن الإمام، وهو متعلق بالرواية. ورأيت بخط الشارح في هامش الخزائن أنه صححها في التجنيس وشرح المنية ونكت العلامة قاسم تبعا للكمال واختارها في البرهان والبحر والنهر وغيرها. ا هـ. وجزم بها في المنية. وقال في الحلية: كذا في غير كتاب من الكتب المذهبية المعتبرة، وهو المتجه. قال شيخنا ابن الهمام: وإذا كان أبو حنيفة يقول في المستيقظ حقيقة على شاطئ نهر لا يعلم به يجوز تيممه فكيف يقول في النائم حقيقة بانتقاض تيممه. ا هـ. ونقل في الشرنبلالية عن البرهان موافقة ابن الهمام، ثم أجاب عنه فراجعها، ومشى في الهداية وغيرها على ما في المتن (قوله المختارة للفتوى) عبارة البحر في الفتاوى (قوله أي أكثر أعضاء الوضوء إلخ) الأولى أن يقول أي أكثر أعضائه في الوضوء إلخ؛ لأن الضمير في أكثره عائد على الرجل المتيمم مع تقدير مضاف وهو الأعضاء الصادقة على أعضاء الوضوء وغيرها تأمل. هذا، وقد اختلفوا في حد الكثرة؛ فمنهم من اعتبرها في نفس العضو، حتى لو كان أكثر كل عضو من الأعضاء الواجب غسلها جريحا تيمم وإن كان صحيحا يغسل. وقيل في عدد الأعضاء حتى لو كان رأسه ووجهه ويداه مجروحة دون رجليه مثلا تيمم، وفي العكس لا. ا هـ. درر البحار. قال في البحر: وفي الحقائق المختار الثاني، ولا يخفى أن الخلاف في الوضوء؛ أما في الغسل فالظاهر اعتبار أكثر البدن مساحة. ا هـ. وما استظهره أقره عليه أخوه في النهر ونقله نوح أفندي عن العلامة قاسم فلذا جزم به الشارح (قوله جدري) بضم الجيم وفتحها مع فتح الدال شرح المنية (قوله اعتبارا للأكثر) علة لقوله تيمم ط (قوله وبعكسه) وهو ما لو كان أكثر الأعضاء صحيحا يغسل إلخ، لكن إذا كان يمكنه غسل الصحيح بدون إصابة الجريح وإلا تيمم حلية، فلو كانت الجراحة بظهره مثلا وإذا صب الماء سال عليها يكون ما فوقها في حكمها فيضم إليها كما بحثه الشرنبلالي في الإمداد وقال لم أره، وما ذكرناه صريح فيه (قوله ويمسح الجريح) أي إن لم يضره وإلا عصبها بخرقة ومسح فوقها خانية وغيرها ومفاد كما قال ط أنه يلزمه شد الخرقة إن لم تكن موضوعة (قوله وكذا إلخ) فصله بكذا، إشارة إلى أنه هو الذي فيه الاختلاف الآتي (قوله ولا رواية في الغسل) أي لا رواية في صورة المساواة عن أئمتنا الثلاثة، وإنما فيها اختلاف المشايخ؛ فقيل تيمم كما لو كان الأكثر جريحا؛ لأن غسل البعض طهارة ناقصة والتيمم طهارة كاملة، وقيل يغسل الصحيح ويمسح الجريح كعكس الأولى؛ لأن الغسل طهارة حقيقية بخلاف التيمم. واختلف الترجيح والتصحيح كما في الحلية، ورجح في البحر تصحيح الثاني بأنه أحوط وتبعه في المتن. ثم اعلم أني لم أر من خص نفي الرواية في صورة المساواة بالغسل كما فعل الشارح. ثم رأيت في السراج ما نصه: وفي العيون عن محمد إذا كان على اليدين قروح لا يقدر على غسلها وبوجهه مثل ذلك تيمم، وإن كان في يديه خاصة غسل ولا تيمم، وهذا يدل على أنه يتيمم مع جراحة النصف انتهى كلام السراج، فقد وجدت الرواية عن محمد في الوضوء، فقولهم لا رواية: أي في الغسل كما قال الشارح، لكن يرد على الشارح أنه جعل حكم المساواة في الوضوء الغسل والمسح. والذي في العيون التيمم فتدبر. (قوله منها) أي من أعضاء الوضوء بناء على ما قاله، وعلمت ما فيه (قوله هو الأصح) صححه في الخانية والمحيط بحر (قوله وغيره) كالخلاصة والفتح والزيلعي والاختيار والمواهب (قوله لو الجرح بيديه) أي ولا يمكنه إدخال وجهه ورجليه في الماء، فلو أمكنه فعل بلا تيمم كما لا يخفى، فلا ينافي ما قدمناه عن العيون (قوله وإن وجد من يوضئه) أي بناء على ما مر من أنه لا يعد قادرا بقدرة غيره عند الإمام، لكن عبر عن هذا في القنية والمبتغى بقيل جازما بالتفصيل، وهو الموافق لما مر في المريض العاجز، من أنه لو وجد من يعينه لا يتيمم في ظاهر الرواية، فتنبه لذلك. [تتمة]
لو بأكثر أعضاء الوضوء جراحة يضرها الماء وبأكثر مواضع التيمم جراحة يضرها التيمم لا يصلي. وقال أبو يوسف: يغسل ما قدر عليه ويصلي ويعيد زيلعي. (قوله ولا يجمع بينهما) لما فيه من الجمع بين البدل والمبدل، بخلاف الجمع بين التيمم وسؤر الحمار؛ لأن الفرض يتأدى بأحدهما لا بهما فجمعنا بينهما للشك بحر (قوله وغسل) بفتح الغين ليعم الطهارتين ح (قوله كما لا يجمع) عدم الجمع في جميع ما يأتي بمعنى المعاقبة من الطرفين أي كلما وجد واحد امتنع وجود آخر، وليس المراد عدم الجمع ولو من أحد الطرفين؛ لأن ذلك لا ينحصر في عدد كالحيض مع الصلاة أو الصوم أو الحج، وكذا العبادات بأسرها مع الكفر ونحو ذلك (قوله بين حيض وحبل أو استحاضة أو نفاس) أي لا يجمع بين الحيض وبين واحد من الثلاثة المعطوفات عليه، بل كلما وجد الحيض لا يوجد واحد منها، وكلما وجد واحد منها لا يوجد الحيض، وكذا يقال فيما بعده، وقوله ولا بين نفاس واستحاضة أو حيض، قيل كذا في أصل نسخة الشارح. وفي بعض النسخ: أو حبل بدل قوله أو حيض وعليه فلا تكرار، لكن فيه كما قال ط: إن النفاس قد يجتمع مع الحبل في التوأم الثاني، لما ذكروه من أن النفاس من الأول. والحاصل أن الاحتمالات ستة: ثلاثة فيها الحيض مع غيره، واثنان نفاس مع غيره، والسادس حبل مع استحاضة. قال ح: وتركه الشارح؛ لأن الجمع فيه صحيح (قوله ولا زكاة وعشر أو خراج)؛ لأن كل ما كان الواجب فيه الزكاة لا يجب فيه عشر ولا خراج، وهو ظاهر وكذا عكسه، كما لو أدى عشر الخارج من الأرض العشرية أو أدى خراج الأرض الخراجية من الخارج منها ونوى فيما بقي التجارة وحال عليه الحول فلا زكاة فيه. وكذا لو شرى أرضا خراجية أو عشرية ناويا التجارة بها وحال الحول لما سيذكره الشارح في كتاب الزكاة، من أنه لا تصح نية التجارة فيما خرج من أرضه العشرية أو الخراجية لئلا يجتمع الحقان، وكذا لو شرى أرضا خراجية ناويا التجارة أو عشرية وزرعها لا تكون للتجارة لقيام المانع. ا هـ. (قوله أو فطرة) فعبيد الخدمة فيها الفطرة ولا زكاة وعبيد التجارة إذا حال عليها الحول فيها الزكاة ولا فطرة ح (قوله ولا عشر مع خراج) أي إن كانت الأرض عشرية ففيها عشر الخارج، وإن خراجية فالخراج. واعلم أن الاحتمالات في هذه الأربعة ستة أيضا: ثلاثة في اجتماع الزكاة مع غيرها، وواحد في العشر مع الخراج، واثنان في الفطرة مع العشر أو مع الخراج تركهما لعدم تصورهما أفاده ح. (قوله ولا فدية و صوم) فمن وجب عليه الصوم لا تلزمه فدية، ومن وجبت عليه الفدية لا يجب عليه الصوم ما دام عاجزا، أما إذا قدر فإنه يصوم، لكن لا يبقى ما أداه فدية؛ لأن شرطها العجز الدائم فلا جمع أفاده ط (قوله أو قصاص) أي ولا بين فدية أي كفارة وقصاص، فأراد بالفدية ما يشمل الكفارة، والأولى التعبير بها كما في البحر فافهم، وذلك؛ لأن القصاص في العمد والكفارة في غيره، فمتى وجب أحدهما لم يجب الآخر (قوله ولا ضمان وقطع) فإن السارق إذا قطع أولا لا يضمن العين الهالكة أو المستهلكة، وإذا ضمن القيمة أولا لم يقطع بعده لملكه مستندا إلى وقت الأخذ، نعم يجتمع مع القطع ضمان النقصان فيما إذا شق الثوب قبل إخراجه لكنه ضمان إتلاف لا ضمان مسروق فلم يجب الضمان بما وجب به القطع فافهم (قوله أو أجر) أي ولا ضمان وأجر؛ كما لو استأجر دابة ليركبها ففعل وجب الأجر ولا ضمان وإن عطبت، ولو أركبها غيره فعطبت ضمنها ولا أجر عليه. وأما إذا استأجرها لحمل مقدار فحمل أكثر منه ولا تطيق ذلك فعطبت فعليه الأجر لأجل الحمل والضمان لأجل الزيادة فلم يجب الضمان بما وجب به الأجر بل بغيره (قوله ولا جلد مع رجم)؛ لأن الجلد للبكر والرجم للمحصن (قوله أو نفي) المراد به تغريب عام كما فسره الشافعي. وأما إذا كان بمعنى الحبس فيجمع مع الجلد أفاده ح، والمراد أن البكر إذا جلد لا ينفى ما لم يره الإمام فله فعله سياسة، وليس المراد أنه إذا نفي لا يجلد، ففي عده هنا نظر تأمل. (قوله ولا مهر ولا متعة) فإن المطلقة قبل الدخول إن سمي لها مهر فلها نصفه وإلا فالمتعة حينئذ، وهذا في المتعة الواجبة، أما المستحبة فتجتمع مع المهر (قوله وحد) أي ولا مهر وحد، بل إن كان الوطء زنا فالحد ولا مهر، وإلا فالمهر ولا حد ح (قوله أو ضمان إفضائها) أي ولا مهر وضمان إفضائها فيما إذا وطئ زوجته فأفضاها لا يجب ضمان الإفضاء عند أبي حنيفة ومحمد، ومثله المهر مع الموت من الوطء ح، وهذا لو بالغة مختارة مطيقة لوطئه وإلا لزمه ديتها كاملة كما حرره الشرنبلالي في شرح الوهبانية، ثم هذا أيضا في ذكره هنا نظر، إذ ليس المراد أنه إذا لزمه الضمان في الزوجة لا يلزمه مهرها فعدم الاجتماع من أحد الطرفين فقط وسيأتي - إن شاء الله تعالى - في الجنايات قبيل باب الشهادة في القتل ما لو كان ذلك بأجنبية، وأنه بإفضائها مكرهة يلزمه الحد وأرش الإفضاء وهو ثلث الدية إن كانت تستمسك بولها وإلا فكل الدية فافهم (قوله من جماعه) أي جماع الزوج لها (قوله ولا مهر مثل وتسمية)؛ لأنه إذا سمى الجائز من المهر وجب، وإن لم يسم أصلا أو سمى ما لا يجوز كخنزير وخمر وجب مهر المثل ط (قوله ولا وصية و ميراث) فمن يستحق الوصية لا يستحق الميراث وكذا بالعكس: أي فيما إذا كان ممن يرد عليه، أما إذا أوصى أحد الزوجين للآخر ولا وارث غيره اجتمعا حينئذ، وكذا يجتمعان إذا أجاز بقية الورثة (قوله وغيرها مما سيجيء) ذكر الحموي في شرحه على الكنز جملة: منها: القصاص مع الدية وأجر القسمة مع نصيبه، فمن يستحق الأجرة على قسمة الدار المشتركة لا يجوز أن يكون له نصيب منها وبالعكس. والظهر مع الجمعة، فمن كان الواجب عليه الظهر كالمسافر لا تجب عليه الجمعة وكذا بالعكس. والشهادة مع اليمين، فمتى لزم أحد الخصمين البينة لا يلزم الآخر اليمين وبالعكس تأمل. وأما من أحد الطرفين فيتصور فيما إذا ادعى وأقام البينة فلا يحلف المدعى عليه، وكذا لا يحلف الشهود على المعتمد، وفيما إذا أقام شاهدا واحدا وحلف فلا يقبل شاهد ويمين عندنا. ومنها: النكاح مع ملك اليمين، فمن كان يطأ بالنكاح لا يمكن أن يكون مالكا للرقبة وبالعكس إلا أن يعقد على أمته للاحتياط، والأجر مع الشركة في حمل المشترك نظير أجرة القسمة، والحد مع قيمة أمة مملوكة زنى بها فقتلها على قول أبي يوسف. وأما عندهما فيجب الحد بالزنا والقيمة بالقتل، وهو ما مشى عليه المصنف في الحدود، والحد مع قيمة إفضاء أمة مملوكة زنى بها فأفضاها في بعض الصور على ما سيأتي تفصيله في الحدود - إن شاء الله تعالى - والظاهر أن هذا إذا لم يكن الوطء بشبهة، فلو كان بشبهة لا حد بل تجب القيمة في الصورتين. ومنها: القيمة مع الثمن، فإن البيع لو صحيحا وجب الثمن، ولو فاسدا وتعذر رده على البائع وجبت قيمته والحد مع اللعان وأجر نظر الناظر إذا عمل مع العملة في الدار الموقوفة فإن له أجر العمل لا النظارة. ا هـ. ح موضحا، فهذه أحد عشر موضعا والذي في الشرح ثلاثة وعشرون فالمجموع أربعة وثلاثون. أقول: وزدت الرهن مع الإجارة فيما إذا رهن شيئا ثم آجره أو بالعكس أو مع الإعارة كذلك، والمساقاة مع الشركة، والغسل مع المسح على الخف في إحدى الرجلين، والحج مع العمرة للمكي، والنكاح مع أجرة الرضاع، ثم رأيت الشرنبلالي زاد في الإمداد القتل مع الوصية أو مع الميراث وخرق خف مع آخر، والتتبع ينفي الحصر (قوله محدثا) حال من فاعل يستطيع (قوله وأفتى قارئ الهداية إلخ) هو العلامة سراج الدين شيخ المحقق ابن همام، وما أفتى به نقله في البحر عن الجلابي، ونظمه العلامة ابن الشحنة في شرحه على الوهبانية وقال إنها مهمة نظمتها لغرابتها وعدم وجودها في غالب الكتب (قوله قولان) ذكر في النهر عن البدائع ما يفيد ترجيح الوجوب، وقال: وهو الذي ينبغي التعويل عليه. ا هـ. بل قال في البحر: والصواب الوجوب ويأتي تمامه في آخر الباب الآتي (قوله وكذا يسقط غسله) أي غسل الرأس من الجنابة (قوله ولو على جبيرة) ويجب شدها إن لم تكن مشدودة ط أي إن أمكنه (قوله وإلا) أي بأن ضره المسح عليها، والله سبحانه وتعالى أعلم.
|